واستطرد حسن يقول: يجب أن نقدر الفن فالفن ضروري للحياة (بل ضروري جداً)
فمن الواجب أن نقلع عن تقويم مطالبنا بمقدار الحاجة إليها، فإن ذلك التقويم غير صحيح، فنحن نستطيع أن نفقأ أعيننا بأصابعنا أو نقطع ألسنتنا ونعيش بغير ملكة النظر والكلام سبعين سنة ولا نستطيع أن نعيش بغير الخير. . .
وندع تقويم الفكر إلى تقويم السوق، فالحلية أقوم من الآنية الضرورية، ولأن نشيد قصراً بديعاً ينحت فيه عشرة مثالين فينتجون تماثيل للزينة خير ألف مرة من بناء مصنع أو سفينة يعمل فيهما الآلاف فينتجون. . .
(والتمثال أغلى من الكساء) وكأس الويسكي أغلى من طن الماء، والطباق أغلى من الهواء.
(وأقصى ما نبلغه في تحصيل الخبز أن نتساوى وسائر الأحياء، ونحن إذا حصلنا الفنون الجميلة فما نحن بأناسي فحسب بل أناسي ممتازون نعيش في أمة ممتازة) نعيش في أكواخ من اللبن والطين
(فإن كنا نبغي أن نعيش كما تعيش الأحياء فحسبنا الضروريات المزعومة) حتى تأتي الكماليات فتلاشيها (وحتى يأتي غيرنا) فينزع هذه وتلك.
(ومن الواجب ثالثاً أن نذكر ما هو العلم الذي يفوقنا به الغربيون) فليس هو التجارب العويصة في مصانع السيارات، ولا الاختبارات والمخاطرات الشاقة في عالم الطيارات والسفن والدبابات، كلا، لا يفوقنا الغربيون بهذا فإن الشرقي ليحذق صناعة الطيارة. . . إذا. . . (فتأملوا من فضلكم إذا).
أيها السادة! في علم حسابنا أن القصيدة الغرامية تساوي طيارة، وفي نحونا أن التمثال يعني سفينة أو سيارة، وقال أمين الريحاني: يا من يبيعني فلسفة بطيارات فلم يعبأ به أحد.
(ولقد يخطئ بعض المصلحين في تقويم الفنون فيستكثرون ما أنفقت عليها الدول والملوك والسروات) وأخطأ اللورد بافرلوك لما قال (إن المقتصدين أسياد العالم) ورو كفلر مجنون إذ رفض رسم صورته نظير ثلثمائة جنيه بريشة أكبر رسام أمريكي.
أيها السادة! قدرتم ألف جنيه لصورة (فانتين البائسة) فكم تقدرون لها الآن إذا عرفتم أنها