والتطور المستمر والحركة السريعة؛ فان في طول الجلوس إليها، وقواعد الأكل عليها، وتعدد الألوان فيها، واحتفال الأسرة لها، إضاعة للمال والوقت، وقتلاً للنشاط والحركة، وجلباً للسقام والمرض.
ويقول أنصار السندوتش في الأدب: إن قواعد اللغة قيود لا توافق حرية العصر، وأساليب البلاغة عوائق لا تجاري قراءة السرعة، وبدائع الفن شواغل لا تساعد وفرة الإنتاج. والحق الصريح أن آكلي السندوتش أعجلتهم محاقر العمل ومشاغل الرزق عن النعيم الآمن، والجمام الخصب، والبيت المطمئن، فجعلوا صعلكة المطاعم نظاماً وفلسفة؛ وأن قارئي السندوتش صرفتهم وعوثة الطريق وتكاليف الغاية عن اكتساب الملكة، وتحصيل الأداة وتوفير المعرفة، فقنعوا بهذا الفتات المتخلف ثم تجشئوا من غير شبع، وتشدقوا من غير علم، وطلبوا محوا القيود والحدود والمقاييس ليصبح الأدب كوناً عاماً والفن حمى مباحاً، فيسموا راوي الأقاويل قصصياً، ووزان التفاعيل شاعراً، ونهاش الأعراض ناقداً، وسلاب القرائح نابغة؛ ولكن الطبيعة التي تحفظ سر الكمال، وتحمي ندرة النبوغ، وتبغي بقاء الأصلح، تأبى إلا أن يظل قراء السندوتش وآكلو السندوتش فقراء ذوي عمل، أو أغنياء ذوي لهو، لا تهيئهم الحياة المضطربة إلى زعامة في أمر ولا إلى نبوغ في فكرة
أثار هذا الموضوع في ذهني طائفة من الرسائل النقدية تلقيتها من أقطار العربية تستنكر بعض ما تظهر المطابع المصرية من لغو الكهول وعبث الشباب، ونشدد النكير على بعض الأحاديث الأدبية التي تبثها الإذاعة اللاسلكية، وبعجب فاضل من بغداد وأديب من حلب كيف تمتهن مصر كرامتها فترفع صوتها الأدبي في العالم من فم شاعر له ديوان مطبوع وذكر مرفوع ثم لا يدري شيئا في قواعد اللغة ولا ضوابط العروض، فكان يقرأ النثر ولا يقيم لسانه، وينشد الشعر ولا يضبط ميزانه، حتى قالوا والعهدة عليهم إنه أنشد قصيدة ابن سعيد المغربي، وهي من بحر السريع على روي الكاف الساكنة، ففتح الكاف وجعل صدور الأبيات من بحر وأعجازها من بحر آخر!
الواقع الأليم أن الذين درسوا لغتهم وفقهوها من الأدباء النابهين نفر قليل، فإذا استثنيت هؤلاء الستة أو السبعة وهم من الكهول الراحلين، وجدت طبقة الأدباء كطبقات الصناع والزراع والتجار يأخذون الأمور بالتقليد والمحاكاة لا بالدرس والمعاناة؛ وكما تجد في