للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إنها دعت المعلمين والمؤلفين إلى توجيه جهودهم وأعمالهم إلى هذا الاتجاه على الدوام، دون أن تطلب إليهم أن يجردوا دروسهم وكتبهم من النزعات القومية والوطنية. أو يتركوا الاستفادة من التاريخ في التربية القومية والوطنية.

وعلى كل حال نستطيع أن نؤكد أن (تعليم التاريخ) يستهدف التربية الوطنية والقومية قبل كل شيء، عند جميع الأمم بدون استثناء.

- ٤ -

بعد هذه التفصيلات يجدر بنا أن نعود إلى أنفسنا ونتساءل عما يترتب علينا عمله في دروس التاريخ، نحن الناطقين بالضاد.

نحن نعتقد بأن حاجتنا إلى الاستفادة من التاريخ في التربية الوطنية والقومية، تفوق حاجة جميع الأمم على الإطلاق. لأن حالة العالم العربي الآن تزيد في احتياجه إلى الاستفادة من دروس التاريخ وكتب التاريخ في هذا المضمار زيادة هائلة.

هذا ويجب ألا ننسى من جهة أخرى أن موضوع تأليف وتدريس التاريخ - في العالم العربي - ظل بعيداً عن مقتضيات البحث العلمي والتربية الوطنية في وقت واحد

وذلك لأن المؤلفات التاريخية العربية تستند إلى نوعين من المصادر: غربية وشرقية؛ والمصادر الغربية لم تتخلص تماماً من تأثير (النظرات الأوربية) التي نشأت على معاداة الشرق واستضعاف العرب حتى الآن. . . وأما المصادر الشرقية فقد ظلت بعيدة عن التطورات العلمية والنزعات التربوية في وقت واحد. . .

فيجب علينا في مرحلة النهضة التي وصلنا إليها أن نعيد النظر في أبحاث التاريخ بروح علمي وشعور قومي؛ وأن نوجه لأنفسنا - على هذا الأساس - مؤلفات تاريخية تجمع بين مقتضيات البحث العلمي ومطالب التربية الوطنية في وقت واحد. .

بغداد

أبو خلدون

<<  <  ج:
ص:  >  >>