والحافر، وهي قطعة من ياقوت أحمر في شكل الهلال تحمل في وجه فرس الخليفة عند ركوبه في المواكب العظيمة؛ ومنها الأعلام والبنود والسلاح الخاص الذي يحمله الركابية أو الحرس الملكي.
وقد انتهى إلينا وصف بعض المناظر الواقعية التي أحاطت بتولية أحد الخلفاء الفاطميين، وهو الحاكم بأمر الله ولد العزيز بالله، نقلها إلينا مؤرخ معاصر هو عز الملك المسبحي وزير الحاكم وصديقه ونحن نعرف أن الحاكم بأمر الله تولى الحكم حدثاً عقب وفاة والد العزيز في مدينة بلبيس في ٢٨ رمضان سنة ٣٨٦هـ. يقول المسبحي: (قال لي الحاكم، وقد جرى ذكر والده العزيز يا مختار، استدعاني والدي قبل موته، وعليه الخرق والضماد، فاستدناني إليه وقبلني وضمني إليه وقال: وأغمي عليك يا حبيب قلبي ودمعت عيناه. ثم قال امض يا سيدي والعب، فأنا في عافية قال، فمضيت، والتهيت بما يلتهي به الصبيان من اللعب إلى أن نقل الله سبحانه وتعالى العزيز إليه، قال فبادر إلى برجوان، وأنا في أعلى جميزة كانت في الدار، فقال: انزل، ويحكم الله فينا وفيك، قال فنزلت، فوضع العمامة بالجوهر على رأسي وقبل لي الأرض، وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. قال، وأخرجني حينئذٍ إلى الناس على تلك الهيئة، فقبل جميعهم لي الأرض وسلموا علي بالخلافة، وقع هذا المنظر بمدينة بلبيس في ٢٨ رمضان. وفي اليوم التالي سار الحاكم إلى عاصمة ملكه في موكب رهيب فخم وأمامه جثة أبيه، وبين يديه البنود والرايات؛ وقد ارتدى دراعة مصمت، وعمامة يكللها الجوهر، وتقلد السيف وبيده رمح فدخل القاهرة عند مغيب الشمس؛ وفي الحال أخذ في تجهيز أبيه، ودفن عشاء بالقصر. وفي صباح اليوم التالي، بكر سائر رجال الدولة إلى القصر، وقد نصب للخليفة الصبي في الإيوان الكبير، سرير من الذهب عليه مرتبة مذهبة، وخرج من القصر إلى الإيوان راكباً وعلى رأسه معممة الجوهر والناس وقوف في صحن الإيوان، فقبلوا الأرض ومشوا بين يديه حتى جلس على عرشه، وسلم عليه الجميع بالإمامة ونودي في القاهرة والبلدان أن الأمن وطد والنظام مستتب فلا مؤنة ولا كلفة، ولا خوف على النفس أو المال.
هذه لمحة من الرسوم والتقاليد التي كانت تجري عليها الدولة الفاطمية في تولية خلفائها، وهي رسوم ملوكية عريقة يطبعها لون من البذخ الساحر، وقد كانت الدولة الفاطمية، وهي