للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقد شغلتموني بأمركم هذا فماذا ترون أن يحل بهذا المال؟ فأكثر القوم وعلي رضي الله عنه ساكت. فقال: يا علي ما تقول؟ قال: ما يصلحك ويصلح عيالك بالمعروف ليس لك من هذا الأمر غيره. فقال: القول ما قال علي بن أبي طالب

وما كان المسلمون يأنفون من العمل الحر الشريف، فقد كان أبو طالب يبيع العطر وربما باع البر. وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه بزازاً. وكان عثمان بزازاً. وكان طلحة بزازاً. وكان عبد الرحمن بن عوف بزازاً. وكان سعد بن أبي وقاص يبري النبل. وكان العوام أبو الزبير خياطاً. وكان الزبير جزاراً، وكان عمرو بن العاص جزاراً

يفاخرنا الغربيون بعظمائهم الذين خرجوا من صفوف العمال وأولئك بناة مجد الإسلام قد خرجوا من جميع البيئات. ونبتوا في كل الطبقات

وما سقت لك تلك الأمثال عبثاً، وإنما أردت أن أدلك على أن المساواة في معناها الصحيح، وفي كافة مظاهرها ومختلف صورها لم تتحقق يوماً كما تحققت في الصدر الأول من الإسلام

مساواة أمام القانون، فقد شرع للناس كافة لا فرق بين عظيم وحقير، وغني وفقير، وقوي وضعيف

مساواة أمام القضاء، ولقد أطلعتك على جانب منها في أروع مظاهره وأسمى معانيه

مساواة في الوظائف العامة، فقد رأيت كيف ينشأ الرجل منهم في البيئة الصغيرة ثم يصل إلى أسمى مناصب الدولة

مساواة في الضرائب، فما كانوا يرهقون أحداً أو يظلمون فتيلا

وعلى الجملة فقد كانت مساواة في الحقوق والواجبات

حقق الإسلام مبدأ المساواة السياسية والمساواة المدنية

على أنه لم يشأ أن يمني أتباعه بالمساواة الاقتصادية أو بعبارة أوضح بالمساواة في الأرزاق، ذلك بأنه دين الفطرة

وكيف السبيل إلى المساواة الاقتصادية، وفي الناس العملاق والقزم والقوي والضعيف وجبار العقل والأبله المعتوه

إن نواميس الطبيعة تأبى المساواة الاقتصادية، ولئن جاز أن تكون في هذا الميدان مساواة

<<  <  ج:
ص:  >  >>