رأى الإسلام أن المساواة الطبيعية مستحيلة. فقال تعالى في محكم كتابه: وجعلنا بعضكم فوق بعض درجات
وشاء الإسلام أن يلطف من قسوة قوانين الطبيعة فشرع الزكاة. وعندي لو أن نظام الزكاة طبق على وجهه الصحيح لوجدنا السبيل إلى حل المسألة الاجتماعية التي عجز إلى اليوم عن حلها فطاحل الاجتماع في أوربا. تلك المسألة التي كانت مثار النضال بين الطبقات، ومبعث المذاهب المتطرفة والنظريات الهدامة
وإذن فليس من الإسراف في القول أن يقال أن الإسلام هو الحصن الذي يرد غزوة المذاهب الهدامة التي تهز كيان المجتمع الأوربي أعنف الهزات، وتهدد الحضارة الأوربية بالتلاشي والفناء
لم تعرف أوربا المساواة في القرون الوسطى فقد انقسمت الشعوب إلى طبقات ممتازة وطبقات محرومة من الامتيازات، وكان للأشراف قوانينهم الخاصة ومحاكمهم الخاصة وعقوباتهم الخاصة وضرائبهم الخاصة، وكانت المدارس الحربية يحرم دخولها على طبقات الشعب، وكانت المناصب الكبرى في الدولة وقفاً على طبقات الأشراف
وهل تحققت المساواة بمعناها الصحيح في أوربا اليوم؟ لا تزال هناك مراحل كثيرة لا يزال على أوربا اجتيازها قبل ترسيخ قواعد المساواة
أوليس النظام في فرنسا مزيجاً من النظم الديمقراطية والأوضاع الملكية والأشكال الأرستقراطية؟
وإنجلترا التي يقولون عنها إنها مهد النظام الدستوري ومعقل الديمقراطية أوليس فيها إلى اليوم لوردات ومجلس لأولئك اللوردات؟
أثار كاتب فرنسي الشكوك حول تحقق مبدأ الحرية السياسية في فرنسا فاسترعى النظر إلى أن رأي الأمة الفرنسية لا يؤخذ في أمس الشؤون بحياتها وأشدها تعلقاً بمصيرها كحالة الحرب مثلاً
واستلفت ذلك الكاتب الأنظار أيضاً إلى أن القضاة في فرنسا يؤخذون من بيئات خاصة والمحلفين من طبقات عليها مسحة الأرستقراطية، واختلاف العقوبة حين يرتكب الفعل