والحكم مع إيقاف التنفيذ؟ أفلا يكاد يستأثر به الغني دون الفقير مع أن الغني قد يكون اختلس مبالغ طائلة أو بدد أموالاً كثيرة؟
أفلا يسخر المداره المقاويل من كبار المحامين بلاغتهم في انتزاع في انتزاع الأغنياء دون الفقراء من براثن العدالة؟
وهل يتاح للفقير ما يتاح للغني أن يبقى بملابسه فلا يرتدي ملابس السجن، ويأكل من بيته فلا يأكل من طعام السجون حين يكون سجيناً تحت التحقيق مقابل جعل بسيط تتقاضاه منه إدارة السجن؟
وأين المساواة إذا كنتم أيها الغربيون تسلحون الأغنياء بأسلحة العلم العالي وتجردون منه الفقراء الذين لا يكادون يجدون السبيل إلى ثمن الخبز فضلاً عن أجر التعليم؟
ليس عجيباً إذن أن يهاجم الديمقراطية خصومها تارة باسم العلم وطوراً باسم الواقع
وليس بدعاً أن يصيح صائح: المجتمع الأوربي يسعى للمساواة ولا يجد السبيل إليها، شأنه في ذلك شأن الإنسانية التي تجد في طلب السعادة والحقيقة فلا تظفر بهما كما أعيا طلابهما فوست جيته
التسامح الديني في الإسلام يقابله الاضطهاد الديني في أوربا في عصور الظلمات
وإذا ذكرنا اضطهاد الفكر والعقيدة ذكرنا محاكم التفتيش
وفي الحق لم تشهد الإنسانية قضاء أشد نزوعاً إلى الظلم وأكثر جنوحاً إلى القسوة من قضاء محكمة التفتيش
نهضت تلك المحاكم لتصد عن الكنيسة تيار الإلحاد المتدفق، فلئن كانت دينية في نشأتها فان التعصب قد سخر العدالة في سبيل تحقيق لبانته وغايته
وفوق ذلك فقد وقفت تناهض كل حركة فكرية وعلمية، ولعل من أبرز ضحاياها غاليلو الرياضي الفلكي الشهير. أحدث ذلك العالم ثورة في العلوم الفلكية ولبث ردحاً من الزمن يواصل العمل في بث نظرياته في دوران الأرض. فأصدرت البابوية، وفقاً لآراء أحبار محكمة التفتيش قراراً بنقض تلك النظريات وتحريمها، واعتبارها تحدياً للنصوص المقدسة. ونصح البابا لغاليلو بالكف عن نشر دعاويه. فلم يأبه الرجل لقرار التحريم، ولم