نتلو صحائفَهُ وملء برودنا ... عُجبُ العجيبِ، وفيمَ لا نختال؟
أقدامنا فوق الزمان قَريرةٌ ... ولنا الهيكِلُ والبُعولُ نِعالُ
نختالُ في ذُرُواتِها فتسُبنا ... عُصُرٌ تكنّفها الظلامُ طوالُ
يا أيُّها العاتون! بعض عُتوِّكم ... إن الزمانَ مخادعٌ ختّال!
أرأيتمُ لَعِبَ الصّروفِ وهدمَها ... ما يرفعُ الإرهاقُ والإذلال؟
هذي النِّعالُ تدوسُ وهي فخورةٌ ... ما شادتِ الأصفادُ والأغلال!
تلكَ الأوابدُ كم أهِلَّ لها دمٌ ... وسقى ثراها مَدمَعٌ هَطَّالُ
كم ذلّتِ الأملاكُ في أعتابها ... وجَثَت على أقدامِها الأبطالُ
واليومَ نَمرَحُ نحنُ في هاماتِها ... يا للمَشيب تُهينُهُ الأطفالُ!
يا للفنونِ الخالداتِ تَدوسُها ... وتُذِلها المجَّانُ والجُهَّالُ!
عفواً هيكِلَ بعلبكّ! فإنما ... هذا الزمانُ وصَرْفُهُ أحوالُ
صبْراً على عبَثِ الزمان! فربما ... رقصت على جُثث الأسود سخال
كنّا نجوسُك ساخرين وربما ... أقعى لكِ الجبّارُ والصَّوَّالُ
كم ذلَّتِ الأدغالُ بعدَ لُيوثِها ... ولقد تُهابُ لأسدِها الأدغال
جوبتيرُ! أين جبارٌ لك شيدوا ... ما لا يزول على الزمان وزالوا؟
بذلت لهيكلك الرفيع نفوسهم ... ودمائهم، وأُهينتِ الأموال
أَرضيتَ أن تُبنى القُصورُ من الأذى ... لك أو يخضَّبَ بالدم التِّمثَالُ
عبدوكَ فاستعْبدتهم، وتمزَّقت ... في ظلِّكَ العُبدانُ والعُمّالُ
تلك العُبوديَّاتُ من آثارها ... هذي الصُّروحُ كأنها الأجْبالُ
نحتتْ بأصفادِ العبيد صخورُها ... وعلى العُناةِ أقيمتِ الأثقال
لا كنتِ يا آثارُ! إنكِ طعنةٌ ... في كلِّ قلبٍ شاعرٍ ونصلُ
عبدوا بكِ الشمسَ المنيرةَ في الضحى ... والشمسُ خيرٌ كلَّها وجَمال
خَشَعتْ لها منذُ القديم مَعاشرٌ ... شغَفتهُمُ الأنوارُ والأظلالُ
فَلئن يَعبدكِ الناسُ أو يستهزِئوا ... فاليومَ معبودُ الأنامِ المالُ
كم تُحْرقُ الأبناءُ قُرْباناً لهُ ... وتُذبَّحُ الأعمامُ والأخوالُ