أغلى من الخُلُق المُكَرَّم دِرْهَمُ ... وأجلُّ من أعلى العُلى مِثقالُ
(باخوسُ) يا رَبَّ الكؤوسِ! وكم عَنا ... لمُجونكَ المُتزمِّتُ المفضالُ
هذي الكروم تكادُ وهْي نحيتةٌ ... يُصْبي العُقولَ رَحيقُها السَّلسَالُ
يا ليتَ شِعريَ ألهّوك فهلْ رأوا ... كيفَ استبدَّتْ خمرُك الجِريالُ
شادوا لكَ الصَّرْحَ الأشمَّ تَجِلّةً ... وجَثا لكَ النُّسَّاكُ والضُّلاّلُ
وبنوا لِفينوس جِوارك معْبداً ... يختالُ فيهِ الحُسْنُ والإدلالُ
صُوَرُ الهوى المعسولِ ملءُ رحابهِ ... والجوُّ حُبٌّ كلُّه ووِصال
يا أمَّةَ الرُّومانِ! مازالَ الوَرى ... يَسبيه كُوبٌ مُترَعٌ ودلال
في كلِّ قلبٍ للمحاسِن مَعْبدٌ ... تأوى الجراحُ إليهِ ةالآمالُ
لكنّما ذهَبتْ مُلوكُكِ في الهوى ... سِيَراً تدارُ كُؤوسُها وتُجَالُ
(أنطونيو) ملءُ الخمائِلِ حبُّهُ ... و (سِزَار) كم ضُربَتْ به الأمثال
مَلِكان صاغَهما الغرامُ قصائداً ... تَشدو بها الأسحارُ والآصال
بِنتَ الخلود! أما سَئِمْتِ جراحَهُ؟ ... إن الخلودَ سآمةٌ ومَلال!
إني لأسمعُ من صَفاكِ صُراخَهُ ... وكأنهُ التَّنْعابُ والإعوالُ
ماذا عرَفْتِ من الحياةِ، وإنما ... سرُّ الحياةِ تعاقُبٌ وزَوالُ؟!
ويل لمفجوعٍ يرى أحبابَهُ ... يترَحَّلون ومالَه تَرحال!!
تنتابُهُ من بعدهمْ أطيافُهمْ ... والذكرياتُ عواصفُ ونبال
أوَ تذْكرينَ (أبا عبيدة) غازياً ... من حولِهِ الفرسانُ والنُّبَّالُ؟
تتبخترُ الجُرْدُ الضّوامرُ تحتهُمْ ... نَشْوى يُصَعِّرُ جيدَها الإدلال
تزْهو على الأرض الفخور بحمْلها ... عَزَّت وعَزَّت فوقها الأحمال!
رَكْبٌ تحفُّ به الملائكُ هُتَّفاً ... وتحوطُهُ بقلوبها الأجْيالُ
أرَأيتِ أشرَفَ فاتحاً، سارَ الهدى ... في ركْبهِ واليمنُ والإقبالُ؟
أعلمت. . .؟ مالى والسؤال فربما ... نكأ الجراحَ الداملاتِ شؤال!!
أمجد الطرابلسي