الظلم، فلما سئم من الحروب عاد يسعى إلى إعادة البوربون. ولما رأى استحالة العمل مع شارل العاشر، اتجه نحو لويس فيليب، وقد كانت مثله التي لم يحد عنها قط الملكية الدستورية، وتأييد النظام والحرية في فرنسا. والسلام في أوربا، والتحالف مع إنكلترا).
وقد انتهى الوزير الإنكليزي إلى هذا الرأي بعد البحث واستقراء الوثائق التاريخية الهامة؛ وهو يستعرض كل أعمال تاليران وتقلباته ويشرحها على ضوء الحوادث والأشخاص؛ وهو يجنح إلى العطف في معظم تعليقاته؛ ومن رأيه أن تاليران كان من أعظم الساسة الذين عرفهم العالم، وأن تقلباته المزعومة لم تكن إلا نوعاً من السياسة العملية التي يقدرها الإنكليز قدرها، وأنه كان يتمتع بصفات باهرة جعلت منه أقدر سياسي في عصره.
ونحن إذا قلبنا صحف تاريخنا وجدنا لدينا قرين تاليران؛ ذلك هو السياسي الفيلسوف ابن خلدون؛ فهو أشبه الناس بتاليران في خدمة الحكومات المختلفة، وفي الأخذ بقواعد السياسة العملية، وفي تقلباته مع الظافرين.
من نفائس أوراق البردي
تحتفظ مكتبة فينا الوطنية بمجموعة من أوراق البردي المصرية القديمة، ومنها خمسة أوراق ظهر من فحصها ودراستها أنها جزء من التوراة، وأن هذه التوراة المخطوطة هي أقدم توراة وجدت حتى الآن. وقصة هذه التحفة الأثرية هي كقصة جميع التحف التي تتسرب من مصر إلى الخارج بانتظام؛ وهي أنه في سنة ١٩٣٠ اشترى بعضهم لحساب مكتبة (فينا) عدة من أوراق البردي من أحد تجار العاديات في القاهرة؛ ولما أظهر البحث أنها قسم من التوراة سئل التاجر المذكور عما إذا كان يمتلك أوراقاً أخرى من هذا النوع فذكر أنه باع مجموعة أخرى منها إلى أحد اليهود المشهورين وهو مستر شستربيتي. ولم يمض على ذلك قليل حتى أذاعت الدوائر الأثرية في لندن أنها قد حصلت على أقدمنسخة في العالم كله من العهد الجديد (الإنجيل)، وبه نص كامل لإنجيل متي، وأن هذه النسخة ترجع إلى منتصف القرن الثالث الميلادي. وتحتفظ فينا في الوقت نفسه بأقدم قطعة من أوراق البردي اليونانية، وبهذه الوثيقة نص كامل لقصة (فرار ارتميسيا) الشهيرة كذلك تحتفظ بأقدم ورقة من أوراق البردي اللاتينية، وهي وثيقة عسكرية ترجع إلى أيام الإمبراطور أوغسطوس أعني إلى القرن الأول من الميلاد غير أنه لا ريب أن أوراق