للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأول من رفع الستار عن قصائد ذو الفقار وأعلنها للجمهور هو الكاتب المصري جورج دوماني بك، ولم يكن قبل ذلك قد اطلع عليها إلا خلصاؤه. أما جورج دوماني الذي استهوته السياسة والأعمال وشغلته عن عالم الأدب، فهو والحق يقال من أدق النقادين نظراً وألذعهم قلماً. فالمواهب التي يسخرها لتخليد ذكرى بعض زملائه وإظهار عبقرية البعض الآخر، تدل على أن نزوعه إلى النقد لم يضعف فيه قوة الشاعرية.

ومن عهد قريب صارت مصر تضيف إلى عداد شعرائها الذين ينظمون باللغة الفرنسية شاعرة جديدة هي السيدة قوت القلوب كريمة المغفور له عبد الرحيم الدمرداش باشا، فقد أصدرت رواية مطولة بعنوان (الحريم) أجادت في إنشائها كل الإجادة ونظم لها الكتاب الفرنسيون عقود الثناء عليها.

وإذا كانت الصداقة، الحقيقية وليدة اندغام بعض المتضادات والتقرب عن طريق المصاهرة فقد وجدت فرنسا ومصر لتتفاهما فعند طرفي حوض البحر الأبيض المتوسط لا تتخدش شواطئنا المتطرفة بخطوط منحرفة. وكأن شعبينا قد أعدا من الوجهتين الجغرافية والتاريخية لأن يكونا في ملتقى الطرق حيث تتواجه وتندغم الحضارات المتضادة. فباريس في الغرب تقوم بين العالم الجرماني والعالم اللاتيني بهمة تماثل المهمة التي تقوم بها الإسكندرية بين آسيا والعالم الأفريقي. ونجد في فرنسا كما نجد في مصر الفلاح المتعلق بالأرض وحراثتها، فاليسر لم يجرده من الميل إلى العمل ولا التعلق بأهداب الحرية ولا يسعى وراء الاقتصاد المحمود. وكان (بوسيه) يقول عن مصر الفرعونية: إن الأحوال الجوية المتساوية فيها دائماً تولي عقول أهلها متانة وثباتاً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>