للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الطائفية ولم تبعده عن الأعمال السياسية. فإذا وجد رجال الحكومة الوطنية الألمانية - بحق أو بغير حق - في سلوكه وسلوك طائفته ما يضر بسلامة الوطن، كان ذلك من جراء أعماله وأعمال طائفته السياسية، لا من جراء أبحاثه وآرائه العلمية.

وربما كان من المفيد أن نذكر رأي بعض العلماء لإِيضاح هذا البحث أكثر مما تقدم. وربما كان رأي (باستور) الشهير من أبلغ الشهادات في هذا الباب:

إن هذا العالم الذي يعتبر بحق من العلماء الذين انتظمهم الروح العلمي بأكمل معانيه، والذي قام بسلسلة أبحاث تعد بحق من أبرز وأنجع الأمثلة للطريقة التجريبية. . . هذا العالم الكبير كان وطنياً متحمساً طول حياته؛ وقد قال في خطبة بليغة ألقاها في أحد المؤتمرات الأممية:

(لا وطن للعلم أو بالأحرى، وطن العلم يشمل العلم بأجمعه ومع هذا لكل عالم وطن وعلى كل عالم أن يهتم بكل ما يخدم مجد وطنه ففي كل عالم حقيقي كبير تجدون دائماً وطنياً كبيراً)

والآن بعد الانتهاء من هذه المناقشة، اسمحوا لي أن أعود إلى إحدى القضايا التي كنت سلمت بها جدلاً، وهي أولى القضايا الثلاث التي سقتموها للبرهنة على عدم إمكان اتفاق العلم والوطنية:

(الوطنية هي الأنانية في المجموع)

إنني لا أنكر صحة القضية من حيث الأساس، غير أنني أرى من الضروري أن نتبعها بقضية ثانية فنقول:

(الوطنية هي الأنانية في المجموع، غير أنها التضحية والإيثار في الفرد. . .)

نعم أن الوطنية هي التضحية والإيثار - بالنسبة إلى أفرد البشر، وإن كانت من قبيل الأنانية بالنسبة إلى الكتل البشرية. ونستطيع أن نقول: أنها أرقى أشكال التضحية والإيثار. فإن مظاهر التضحية والإيثار لا تتجلى في مجال من مجالات أعمال الإنسان بالتنوع والسمو والقوة التي تتجلى بها في مجال الوطنية. وأما مظاهر الإيثار التي تنشأ من الشعور الأممي فإنها لا تذكر بجانب ذلك. . .

إنني لا أود أن أتوسع في هذه المسألة الآن غير أنني أود أن أختم هذه الرسالة بإحدى

<<  <  ج:
ص:  >  >>