الدوليين. ولكن الواقع أن إيطاليا وألمانيا كانتا قد بعثتا إلى أسبانيا قبل تنفيذ مشروع الرقابة من القوات العسكرية والجوية - لمعاونة الجنرال فرانكو زعيم الثورة الأسبانية ما اعتقدتا أنه كاف لإحراز الجبهة الثائرة النصر النهائي على الجمهوريين وإقامة الحكم الفاشستي المنشود في أسبانيا على أنقاض الحكم الجمهوري، بل ظهر أن إيطاليا وألمانيا لم تكفا عن إرسال الإمداد حتى بعد أن نفذ مشروع الرقابة، على أن الرقابة الدولية أفادت في تضييق نطاق المعاونات الخارجية، وحصرت احتمالات الحرب الأهلية نوعاً.
وفي أثناء ذلك حاولت السياسة البريطانية أن تتقدم خطوة جديدة في تصفية المشكلة الأسبانية، فقدمت إلى الدول اقتراحها بسحب جميع الجنود الأجانب من أسبانيا سواء منهم من يحارب مع الجنرال فرانكو أو مع حكومة مدريد؛ فرفضت إيطاليا النظر في الاقتراح، وأجابت الصحف الإيطالية بأن الجنود الإيطالية لن تغادر أسبانيا قبل أن يحرز الجنرال فرانكو النصر النهائي. والمعروف المحقق أن لإيطاليا في أسبانيا جيشاً لا يقل عن مائة وعشرين ألف مقاتل، هذا عدا القوات الألمانية وهي تقدر بنحو ثلاثين ألفاً، وهذه القوى الأجنبية هي عصب الثورة الأسبانية وهي سند الجنرال فرانكو؛ وقد أبدت ألمانيا وإيطاليا في غير فرصة سواء في التصريحات الرسمية أو عن طريق الصحافة أنها لن تدخر وسعاً في تأييد الجنرال فرانكو حتى يحرز النصر النهائي، وحتى تقوم في مدريد حكومة فاشستية، ولم يبق ريب بعد أن الثورة الأسبانية إنما هي محاولة عسكرية فاشستية تدبرها الفاشستية الإيطالية والألمانية، وأن الجنرال فرانكو إنما هو أداة هذه السياسة الأجنبية؛ فالثورة الأسبانية تفقد بذلك كثيراً من صبغتها الوطنية، وتفقد عطف الديمقراطية، والعالم المتمدن الذي يعرف وسائل الفاشستية وأساليبها الهمجية وجنوحها إلى العنف والعدوان، ويقدر خطرها على السلام العام
ولكن هل تنجح الفاشستية في هذه المحاولة الدموية؟ لقد مضى على الثورة الأسبانية التي دبرتها الفاشستية وسلحتها أحد عشر شهرا، واستطاع الجنرال فرانكو بمؤازرة معاونيه الأجانب أن يستولوا على نصف الأراضي الأسبانية؛ ولكنه لم يحرز حتى اليوم أي نصر حاسم، بل فشل في كل محاولة خطيرة قام بها لتحطيم قوى الجمهورية، وكان مقدراً أن الثورة لن تستغرق في تنفيذ برنامجها أكثر من عدة أسابيع، ولكن مضت الأسابيع والأشهر،