صرح به أخيراً مستر ايدن وزير الخارجية في مجلس العموم، ومعنى ذلك أن بريطانيا لن تسمح بفوز الجنرال فرانكو، لأن هذا الفوز الذي تدعمه الحراب الأجنبية يعقبه بعض المطامع الإيطالية في جزر البليار وربما في مراكش الأسبانية؛ وإنكلترا مع تمسكها بسياسة الحيدة وعدم التدخل في المسألة الأسبانية، لا تخفي عطفها على حكومة بلنسية، وفي ذلك تؤازرها فرنسا بل ربما ذهبت فرنسا إلى اكثر من هذا العطف في معاونة الجبهة الجمهورية، وإذا كانت إنكلترا وفرنسا تقفان في الميدان الدولي إلى جانب أسبانيا الجمهورية، فإن ذلك لا يرجع إلى لونهما الديموقراطي ولا إلى معركة المبادئ فقط، بل يرجع بالأخص إلى خوفهما من غلبة الفاشستية في أسبانيا، ومما تهدد به مصالحهما الاستعمارية ومواصلاتهما في غرب البحر الأبيض المتوسط.
ومن جهة أخرى فإن إنكلترا وفرنسا تخشيان على مصير السلام من تفاقم الحوادث الأسبانية. ولقد تجلى هذا الحرص على السلام في حادثة البارجة الألمانية دويتشلاند، فقد ألقت طيارات حكومة بلنسية القنابل على هذه البارجة أثناء رسوها في ميناء أبيزا بجزيرة ميورقة فقتلت من بحارتها خمسة وعشرين وجرحت عدداً آخر؛ وثارت ألمانيا لهذا الاعتداء فلم يمض يومان حتى ضربت بوارجها ثغر ألمرية الأسباني على حين فجأة ضباً شديداً فقتلت وجرحت من أهلها المسالمين مئات وخربت قسماً كبيراً منها؛ وعلى أثر ذلك أعلنت ألمانيا وإيطاليا انسحابهما من لجنة عدم التدخل حتى توضع الضمانات الكفيلة بحماية بوارجهما؛ وكان لهذا الاعتداء الذي يشبه أعمال القرصنة من جانب البوارج الألمانية وقع عميق في الأوساط الدولية، لأنه حتى مع التسليم بأن ألمانيا قد اعتدي عليها في حادثة البارجة دوتشلاند، فإنها لم تتقدم بطلب الترضية الودية ولم تقدم إلى حكومة بلنسية إنذارا بها كما يقضي بذلك القانون الدولي، ولم يسبق في قانون الأمم أن اعترف بحق الانتقام من المدن الآمنة دون أن تكون هناك حرب شرعية بين الخصوم. خصوصاً إذا وقع الانتقام على النساء والأطفال كما حدث في ضرب المرية. ومن الغريب أن تنفرد ألمانيا بمثل هذا التصرف لاعتداء وقع على إحدى سفنها تبرره حكومة بلنسية بوجود هذه السفينة في إحدى الموانئ التي بيد خصومها الوطنيين، مع إن مثل هذا الاعتداء قد وقع من قبل في أكثر من فرصة على السفن الإنكليزية ولم تندفع في مثل هذا الانتقام الوحشي.