لان المواصلات لم تكن سهلت إلى الحد الذي تعرفوه في هذه الأيام، وقد كانت تلك الرحلة المطولة سبباً في أن يتعرف الطلاب إلى الأقاليم الفرنسية، ويدرسوا ما ائتلف وما اختلف من أخلاق الناس.
ولما استقر الطلبة في باريس عاشوا تحت إشراف ثلاثة من الأساتذة المصريين، وكان لأولئك الأساتذة الثلاثة واجبات دراسية، ومن هذا ترون كيف كان المصريون يعرفون واجبهم في ذلك الحين
كان الطلبة يقيمون أول الأمر مجتمعين في بيت واحد يسمونه المركز، ثم رؤى أن يتفرقوا في المنازل الفرنسية ليتذوقوا الروح الفرنسي. فنظمت لهم لائحة مكونة من أربعة عشر مادة. وإليكم نصوص تلك المواد لتروا كيف كانت إدارة البعثة تفهم الواجبات التعليمية في تلك العهود
المادة الأولى:(١) إن يوم الأحد المقرر لهم الخروج فيه يلزم أن يخرجوا من البنسيونات في الساعة تسعة ويأتوا إلى البيت المركز من أول الأمر ويقدموا وقت الدخول ورقة معلمهم إلى الأفندي النوبتجي لأجل أن يعلم ساعة دخولهم في البيت، وبعد ذلك يذهبون إلى المواضع المعدة للفرجة بشرط أن يجتمع ثلاثة أو أربعة، ثم يرجعون إلى البنسيونات في أيام الصيف الساعة تسعة، وفي أيام الشتاء الساعة ثمانية
المادة الثانية: إن من لم يمتثل لخصوص ما سبق يمنع من الخروج من البنسيون بحسب الاقتضاء جمعة أو جمعتين
المادة الثالثة: إن كل من له شكاية من معلمه لا تسمع ولا تقبل حتى يكتبها في ورقة. ولا تسمع إلا إذا كانت من جهة التعليم أو جهة أخرى يحصل له منها ضرر
المادة الرابعة: إن جميع الأفندية يمتحنون في آخر كل شهر ليعرف ما حصلوه من العلوم في هذا الشهر ويسألون عما يحتجون إليه من الكتب والآلات ويكتب في آخر كل شهر كسبهم وتحصيلهم وأفعالهم على الوجهة الصحيح
المادة الخامسة: لو احتاجوا شيئاً من الكتب والآلات في أثناء الشهر يطلبونه من معلمهم بورقة يكتبونها له، ومعلمهم يخبر بذلك مسيو جومار، فأن رآه مناسباً يعطيهم ذلك بعد ما يخبر النوبتجي، فأن اشترى أحداً شيئاً من غير إجازة يلزمه أن يدفع ثمنه من عنده