للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التوصل إلى مخارج المستقبل ممتنع من غير هذه الفجوة الضيقة. أما والحق ما هؤلاء الرعاة إلا فريق من هذه السائمة وقد ضاقت عقولهم ورحبت نفوسهم وسرعان ما تصغر العقول إذا كبرت النفوس.

لقد تركوا على كل معبر اجتازته أرجلهم آثار الدماء، إذ كانوا يستلهمون جنونهم ليعلموا الناس أن الدماء تقوم شاهدة للحق. وقد جهلوا أن أفسد شهادة تقوم للحق إنما هي شهادة الدم، لأن الدم يقطر سماً على أنقى التعاليم فيحولها إلى جنون وإلى أحقاد.

أفتقيمون للحق دليلاً من اقتحام أحد الناس للهب في سبيل تعاليمه. وهل لمثل هذا التعليم ما للعقيدة التي تتولد متقدة من لهبها نفسه؟ إذا ما تلاقى رأس بارد بقلب مضطرم نشأت من التقائهما تلك العاصفة التي يدعوها الناس مخلصاً. ولكم وجد على الأرض من رجل أعرق منشأ وأرفع مقاماً ممن يدعوهم الشعب مخلصين، وما كان هؤلاء المخلصون إلا عاصفات كاسحات تهب متوالية على الأرض

إذا ما كنتم تنشدون سبل الحرية، أيها الاخوة، فعليكم أن تنقذوا أنفسكم حتى ممن يفوقون هؤلاء المخلصين عظمة ومجداً. فان الإنسان الكامل لم يظهر على الأرض بعد. لقد حدقت بأعظم رجل وبأحقر رجل عن كثب وهما عاريان فظهرا لعياني متشابهين، بل رأيت أعظمهما أشد توغلا في المعائب البشرية من الآخرين.

هكذا تكلم زارا. . . . . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>