إحساساً خالصاً بجمال الطبيعية ويندمج فيها ويخفق لها لأن طبيعة الإحساس العاطفي المحض في القلب وهو تامورة الحياة في الجسم الإنساني، أجل وهو الذي يستجيب ويلبي كل شيء جميل حي
وإذا أصاب القلب مرض أو تعطلت وظيفته النبيلة لسبب ما كأن كدر صفاءه غضب أو اهتياج أو حقد أو غيرها من الحالات التي تخرجه عن طبيعته انبتت علاقته بالحياة فلم يعد يستجيب لها ولا يحس بها إحساساً سليماً صحيحاً. وكذلك الحال عندما نرى مظهرا من مظاهر الطبيعة قد طرأ عليه ما يعطل من طبيعة الحياة فيه. فالزهرة النظرة يعجبنا منها رونقها واتساقها وزهاء لونها ونورها وهي بذلك حية سليمة، وهي لحياتها جميلة غاية الجمال، فإذا رأيناها ذاوية خبا رونقها ومالت إلى العدم؛ والظبي رشيق الحركة وهو سليم صحيح، فإذا أصيب في ساقه بعرج فهو سقيم ثقيل، والطير جميل وهو قوي الجناح سليمة، فإذا كسر جناحه فهو ضعيف ذليل - وكل هذه المخلوقات سعيدة ما دامت وافرة الحياة سليمة الوظائف وهي بذلك جميلة غاية الجمال
ولا ينبغي أن نقرن النظر لشيء الجميل بتحليله إلى عناصره وتعليل مظاهره فنبحث في أن ماء النهر يكون من عنصري الهيدروجين والأوكسجين، وأن النهر ينحدر ماؤه بالجاذبية، وأن الشجر يمتص بجذوره من الأرض عناصر التغذية، وأنه يحيل ثاني أوكسيد الكاربون إلى أوكسجين نهاراً والعكس ليلاً.
فالنظرة إلى الجمال يجب أن تكون مجردة من جميع هذه العوامل وإلا طغى الفكر المحلل على الذوق السليم وسكتت العاطفة وقد تكلم العقل وانتقلنا إلى عالم مادي وبعدنا عن عالم الروح والكمال.