هو في الحقيقة غاية الثقافة والتهذيب، وهو عندما يقبل شيئاً أو يرفضه يظهر لنا أنه أتى ذلك في التو بغير سند واضح، ولكن عمل الذوق في الحقيقة نتيجة طبيعية لما وعته النفس وكسبه العقل من قضايا مختلفة ومقدمات منطقية وتاريخ حافل من تجارب الحياة
وليس من شأننا هنا أن نعدد الأصول التي تراعي في التعبير عن هذه المظاهر الطبيعية السالفة الذكر فلها مجال آخر نرجو أن يتاح لنا في المستقبل، ولكنا هنا سنبسط الشرائط التي يجب توفرها في الصورة، بوجه عام، وفي الفنان أيضاً والتي يمكن بمقتضاها أن نصدر حكماً أدنى للصواب فيما نشاهده من صور الفنون هذه الشرائط هي كما ذكرها جون راسكن:
١ - الصدق والحقيقة
٢ - البساطة
٣ - نوع من الإبهام السحري
٤ - أيجاز التعبير
٥ - الجرأة
٦ - السرعة
هذا ولكي يكون تقديرنا لجمال المظاهر الطبيعية أتم وأوفى يجب أن نجردها من النفعية وننظر لها نظرة خالصة للفن ذاته وللجمال ذاته. فعندما نرى نهراً جميلاً يجري بين شاطئين بسقت عليهما الأشجار وغطاهما بساط سندسي من العشب يجب أن تقبل أذواقنا جمال هذا المنظر كما خططته يد الله بعيداً عن تدخل يد الإنسان في التحكم فيه والسيطرة على أجزائه - فنخفي عن ذوقنا أنه أقيم هنا سد اعترض من النهر انسيابه الجميل - وأن هناك آلة رافعة وضعت لتختلس من مائه بضجيجها وصريرها، وقامت على جانبه شوهاء كالقرحة في الجسم الغض. وننفي عنه أن هناك حطابا قويا يعمل فأسه في جذع شجرة ليسقطها وليأخذ خشبها ليصنع منه بابا أو نافذة.
الينبوع إذ يتسلسل ماؤه على الحصى ويتدفق على الثرى أجمل مما لو أحطناه بسور من البناء لنحصر ماءه، والسياج الحديدي حول مجموعة من الأشجار مشوه لجمالها، والعصفور الطليق أجمل من العصفور الحبيس في قفص ضيق. وهكذا فإن القلب يحس