وحك مؤخر رأسه، وفي الصفحة الرابعة أمسك عن القراءة ونظر بوجه المرتاع إلى زوجه. . وتظاهر بالتأمل. وبعد تفكير قليل تنأول الرسالة ثانية وهو يتأوه وعلى وجهه أثر الارتباك والحيرة ثم الأرجاف والفزع.
لما فرغ من قراءة الرسالة قال متمتما:(حسن!. . هذا لا يجوز! ورمى بالأوراق على المكتب، هذا لا يصدق، ما في ذلك ريب. . .).
فسألته ليدوتشكا وقد امتقع لونها: ما الخبر؟
- ما الخبر؟ تملئين صفحات ستا وتمضين ساعتين في خرفشة لا معنى لها ولا طائل تحتها. . . ولا شيء فيها بالمرة. . آه لو كان بها ولو فكرة ضئيلة! يقرأ المرء ثم يقرأ وفكره مشوش، وذهنه مضطرب كأنما يفك أغلاقا صينية عن صناديق شاي! أوه!
قالت ليدوتشكا وقد ضرج وجهها الحياء: هذا صحيح يا فانا. . كتبته دون عناية
- أجابها: إهمال زائد عن الحد. . ففي رسالة غير منمقة ولا محبرة. . . معان وأسلوب. . وإحساس، أما رسالتك فسامحيني، ان قلت لك بأني لا أتذوق لها طعما. . جمل وكلمات لا إحساس فيها ولا معنى لها. خطابك جميعه. . كمحادثة بين صبيين (عندنا عجة اليوم. . جاء جندي ليرانا. .) انك تكررين المعنى الغث البارد، لك أن تريه وتعيديه بنفسك. أما الفكرة السخيفة فترقص بين السطور كالشياطين ولا حد عندك للبدء من النهاية. . كيف تكتبين هكذا؟
قالت ليدوتشكا تدافع عن نفسها: إذا كنت أكتب بتجويد وعناية. . لا يمكن أن تكون هناك غلطات.
فأجابها زوجها: إنني لا أتكلم عن الأخطاء. . الأخطاء النحوية المروعة. لا يوجد سطر لا يعد إهانة شخصية للنحو. لا وقف ولا علامات ولا هجاء! إنه يأس مريع! إنني لا أمزح يا ليدا فأنا مروع فزع من رسالتك، لا تحزني يا عزيزتي فما كنت أظن في الواقع أنك تجهلين النحو هكذا. . . مع أنك تنتمين إلى بيئة مثقفة ودرجت في بيت علم. فأنت زوجة رجل جامعي وابنة قائد. قولي لي أذهبت إلى المدرسة؟
- نعم لقد تعلمت في مدرسة فون مبكي الداخلية.
فهز سوموف كتفيه واستمر في مشيته متأوها. . . أما ليدوتشكا العالمة بجهلها فتنهدت ثم