للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المعربة أصعب من اللغة الموقوفة، أعني التي يلتزم آخرها شكلاً واحداً في جميع المواضع ومع جميع العوامل كاللغة الإنجليزية والفرنسية.

وهي صعبة كذلك من ناحية أن حروفها وحدها لا تدل على كيفية النطق بها، بل لابد لصحة النطق من الضبط بالحركات أو المرن الطويل، على عكس اللغات الأوربية التي تدل كتابتها على كيفية النطق بها في أكثر مواضعها، والضبط بالشكل عسير فلا نستعمله في الجرائد والمجلات ولا في أكثر الكتب الأدبية قديمها وحديثها.

وهي صعبة - أيضاً - من ناحية الاختلاف الكثير في الفعل الثلاثي، فله أشكال كثيرة لا يمكن إخضاعها لضوابط حاسمة، وكصيغ جموع التكسير فهي كثيرة وضوابطها قلما تطرد، وكنظام العدد والمعدود فإنه معقد تعقيداً شديداً حتى لا يجيده إلا الخاصة وأشباههم.

كل هذا ونحوه يجعل اللغة العربية صعبة المنال، وإتقانها يحتاج إلى مران كثير ومجهود كبير من المتعلم والمعلم.

ولست أعرض هذا لبيان ما إذا كانت هذه الأعراض مظهراً من مظاهر رقي اللغة أو ضعفها فان هذا لا يعنيني الآن، وأما الذي يعنيني فهو تقرير صعوبة اللغة العربية وحاجتها الشديدة إلى عناية كبرى لتذليل صعوباتها ورسم أقرب خطة للتغلب عليها حتى يحذقها المتعلم من أقرب سبيل.

فإذا نحن وصلنا إلى المعلم فقد وصلنا إلى نقطة شائكة، ذلك لأننا اعتدنا دائماً أن ننقل النقد في الأمور العامة إلى مسائل شخصية، ونحول الكلام في المبادئ العامة إلى فئات وأحزاب، ونسئ الظن بالناقد، فإن كان من فئة خاصة ظنوا أنه يدافع عن فئته وأنه يريد تنقص غيره، فهل يسمح لي المعلمون بأن أصارحهم القول مؤكداً أن لا غرض لي إلا الإخلاص للحق؟

إن كان كذلك فإني اصدقهم القول بأن جزءاً كبيراً من ضعف اللغة العربية يرجع إليهم. ولست أنكر أن منهم أفذاذاً نابغين يصح أن يكونوا المثل الذي ننشده، ولكن المنطق عودنا أن يكون حكمنا على الكثير الشائع لا على القليل النادر

فالحق أن دار العلوم والأزهر وكلية الآداب لم تستطع أن تخرج المعلمين الأكفاء الذين نتطلبهم والذين تتطلبهم اللغة العربية للأخذ بيدها والنهوض بها ومحاربة الضعف الفاشي

<<  <  ج:
ص:  >  >>