للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيها.

فأما دار العلوم فقد تأسست، والذي دعا وزارة المعارف إلى إنشائها أنها أحست بعجز الأزهر عن أن يمدها بالمعلمين الصالحين لها، إذ رأت الأزهر تنقصه - إذ ذاك - الثقافة الحديثة والعلم بمناهج التربية والتعليم، وقد نجحت الوزارة في تحقيق هذا الغرض إلى حد كبير، وأخرجت رجالاً نهضوا باللغة العربية إلى حد ما، وأحسنوا التدريس على خير مما كان يدرسه الأزهريون، ولكن دار العلوم كانت سادَّة لحاجة الأمة في السنين الأولى من إنشائها، ثم تقدمت الأمة في ثقافتها ووقفت دار العلوم حيث كانت، فأصبحت لا تؤدي رسالتها كاملة، وأصبح خريج دار العلوم لا يحذق الأدب القديم ولا الأدب الحديث، ولا يستطيع تغذية الشعب بالأدب الذي هو في حاجة إليه، ولا له من المهارة في الوسائل ما يستطيع بها أن ينهض بالطلبة النهوض اللائق، ولا هو يساير الزمن في ثقافته حتى يخضع الطلبة لشخصيته القوية؛ ودليل ذلك أمور كثيرة: منها ضعف المكتبة العربية وهو ما سأبينه بعد؛ ومنها عجز معلمي اللغة العربية عن تشويق الجمهور والطلبة إلى القراءة العربية، حتى أنا نرى الناشئ لا يكاد يستطيع القراءة في الكتب الأجنبية حتى يهيم بها ويفضلها ألف مرة على المطالعة العربية؛ ومنها نظر الطلبة في صميم نفوسهم إلى أن اللغة العربية مادة ثانوية وأن وضعت في المناهج في أوائلها؛ ومنها أن الثقافة في الجمهور فيما يتعلق بالتاريخ الإسلامي والأدب العربي والمعلومات العامة التي تتصل بذلك ضعيفة إلى حد بعيد، والمسؤول عنها - كما أسلفنا - هم معلمو اللغة العربية لأنها لغة البلاد وعليها يعتمد في تكوين العقلية، إلى كثير من مثل هذه الأسباب.

وأما الأزهر من ناحية اللغة العربية فهو الآن وليد دار العلوم، والمشرف على تعليم اللغة العربية فيه هم خريجوها؛ فقصار أه أن يبلغ من الرقي ما بلغته مدرسة دار العلوم في تعليمها ونظمها ومناهجها حتى يحل محلها؛ ويكفي هذا برهاناً على أنه لا يحقق الغرض الذي نرمي إليه.

وأما قسم اللغة العربية في كلية الآداب فكذلك ناقص ضعيف، فهو يعلم طرق البحث الجامعي، وهذا يضطره إلى أن يتوسع في مسألة وأن يهمل مسائل، فلا يخرج الطالب دارساً لكل ما ينبغي أن يدرس. أضف إلى ذلك أنه يعتمد في طلبته على طائفة يخرج

<<  <  ج:
ص:  >  >>