يختص العرب بالمنطقة الشرقية ولها منفذان إلي البحر عن طريق يافا وحيفا؛ وأن يختص اليهود بالمنطقة الغربية ويعطي لها نظام الدومينون، وأن تجعل مدينة القدس وبيت لحم منطقة دولية مستقلة تحت إشراف عصبة الأمم، وأن تجعل حيفا قاعدة بحرية بريطانية؛ ويلاحظ أولا أن هذه الفكرة في تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب إلى مناطق اتحادية، وجعل مدينة القدس مركزاً دينياً حراً على مثل (مدينة الفاتيكان) في رومه. ليست جديدة ولم تنفرد بإبدائها اللجنة الملكية البريطانية، بل هي فكرة ظهرت منذ أعوام وقل بها بعض زعماء الصهيونية ورجال السياسة، على اختلاف في بعض التفاصيل؛ ولكن هل يعتبر هذا الحل علاجا ناجعا للمسألة الفلسطينية؟ وهل يرتضيه طرفا النزاع؟ وهل يحقق السلام المنشود؟ هذا ما يشك فيه الشك أولاً، لأن العرب لا يرتضون حلا لقضيتهم يقوم على تمزيق بلادهم واقتطاع نصفها لليهودية بصفة نهائية وحصرهم في منطقة ضيقة هي أقل المنطقتين من حيث المزايا الإقليمية والاقتصادية؛ وثانيا لأن اليهودية تأبى أن تحد أطماعها في فلسطين على هذا النحو، ولا ترضى بأقل من فلسطين كلها ميدانا لنشاطها الاستعماري، بل لقد حاولت اليهودية في الأعوام الأخيرة أن تدفع نشاطها إلى شرق الأردن، وهي المنطقة التي حرمها صك الانتداب على الوطن القومي اليهودي فكيف بها ترضي اليوم أن تحصر في المنطقة الساحلية؟ وكيف ترضى اليهودية أن تنزع من نفوذها مدينة القدس، إيليا أو أورشليم عاصمة داود وسليمان. ومثوى ذكرياتهم التي يبكونها منذ ألفي عام؟ الواقع أن فكرة التقسيم؛ إذا صح أنها هي العلاج الذي تراه اللجنة الملكية، حلا للقضية الفلسطينية، تصطدم بأكبر العقبات، ولا يلوح أنها تلقى حظاً كبيراً من القبول أو النجاح
هذا وقد تقدمت في تلك الأثناء بعض المقامات المصرية العليا التي تعنى بالشئون العربية والإسلامية باقتراح جديد لحل المسألة الفلسطينية خلاصته أن تضم فلسطين إلى سوريا وأن تؤلف منهما مملكة عربية إسلامية متحدة يتبوأ عرشها أمير من أمراء العرب البارزين وتعقد هذه المملكة مع بريطانيا العظمى وفرنسا معاهدة صداقة وتحالف على مثل المعاهدة المصرية الإنكليزية. وإدماج فلسطين في تلك المملكة العربية الجديدة يعاون على حل مسألة الوطن القومي اليهودي بصورة عملية؛ ذلك أن اليهود يصبحون في المملكة الجديدة أقلية دينية، ويكون مثل الأقليات الدينية بمصر، تكفل لهم قوانين البلاد الأساسية المساواة مع