قال ابن خلدون في الموشح: لما كثر الشعر في الأندلس وتهذبت مناحيه وفنونه وبلغ التنميق فيه الغاية، استحدث المتأخرون منهم فنا سموه الموشح ينظمونه اسماطاً أسماطاً وأغصاناً أغصاناً يكثرون منها ومن أعاريضها المختلفة، ويسمون المتعدد منها بيتا واحدا، ويلتزمون عدد قوافي تلك الأغصان وأوراقها متتاليا فيما بعد إلى آخر القطعة. واكثر ما ينتهي عندهم إلى سبعة أبيات، ويشتم كل بيت على أغصان عددها بحسب الأغراض والمذاهب، وينسبون فيها ويمدحون كما يفعل في القصائد. وتجاروا في ذلك إلى الغاية، واستظرفه الناس جملة الخاصة والكافة لسهولة تناوله وقرب طريقه.
قال أبو عبد الله محمد الأزرق الأندلسي في مدح موشحه ذهابا إلى القصيدة:
بعثت بها عذراء رائعة الحلى ... قضت أنها للمعلمات مرشحة
توشحت اللفظ البديع وأقبلت ... فها هي تبدو للعيون موشحة
ووصفها ابن دحبة الأندلسي بقوله:
الموشحات هي زبدة الشعر ونسبته، وخلاصة جوهره وصفوته. وهي من الفنون التي أغرب بها أهل المغرب على أهل المشرق، وظهروا فيها ظهور الشمس الطالعة والضياء المشرق. . . وقال ابن معصوم في سلافة العصر: ولأهل اليمن أيضا نظم يسمونه الموشح غير موشح أهل المغرب؛ والفرق بينهما أن موشح أهل المغرب يراعى فيه الإعراب، وان وقع اللحن في بعض الموشحات التي هي على طريقتهم لكون ناظمه جاهلا بالعربية فلا عبرة به، بخلاف موشح أهل اليمن فانه لا يراعي فيه شيء من الإعراب بل اللحن فيه أعذب، وحكمه في ذلك حكم الزجل
وللموشحات اصطلاحات لابد منها، مثل اللازمة، والمبدأ، والدور، والدرج، والبطايحي،