يكون للأستاذ عنان رأي آخر في تحقيقها ينشره علينا فيها، والله يتولانا جميعاً بتوفيقه.
عبد المتعال الصعيدي
بين الجامعات الألمانية والإنكليزية
احتفلت جامعة جتنجن الألمانية خلال هذا الأسبوع بمرور مائتي عام على قيامها؛ وكان المظنون أن يكون هذا الاحتفال بالغاً في أهميته وعظمته، لما لهذه الجامعة القديمة العريقة من ماضي علمي جليل، ولما لها بالأخص من علاقات وثيقة بالثقافتين الإنكليزية والأمريكية إذ كانت دائماً مقصد الشباب من الأمتين، ولكن حدث ما لم يتوقعه أحد، وهو أن الجامعات الإنكليزية والأمريكية اعتذرت جميعاً عن شهود هذا الاحتفال الذي دعيت جميعاً إليه، ولم تذكر الجامعات المعتذرة أسباب هذه المقاطعة العلمية؛ ولكن بعض الصحف الإنكليزية والأمريكية تحدثت عنه، وهي جميعاً ترجع الأسباب إلى خضوع الجامعات الألمانية في منهاجها العلمية والثقافية لسياسة الحكومة النازية خضوعا يضر بالمثل العلمية والثقافية العليا وينافي أسمى المزايا العلمية وهي حرية البحث وتوجيهه إلى الحقيقة وحدها؛ ولم ترض الجامعات الإنكليزية والأمريكية أن تشترك في احتفال جامعة جتنجن حتى لا يقال أنها تعترف بوحدة المثل الثقافية والتعليمية بين الدول الديمقراطية التي تمثلها بين الوطنية الاشتراكية الألمانية.
والواقع أن حال الجامعة الألمانية قد ساء في العهد الأخير وانحط مستوى التعليم العالي وأقفر كثير من الجامعات من الأساتذة والطلبة. مثال ذلك إن جامعة جتنجن فقدت من أساتذتها النصف فأصبحوا خمسة وأربعين بعد أن كانوا تسعين، وأبعد البعض لأسباب عنصرية والبعض لأسباب سياسية، ونقص عدد طلبة الجامعة من ٤٢٠٠ في سنة ١٩٣٣ إلى ١٨٠٠طالب فقط هذا العام، وهجرها معظم الطلبة الأجانب، وأصيبت سمعتها العلمية والثقافية.
وقد حذت الجامعات السويسرية حذو الجامعات الإنجليزية فاعتذرت عن الاشتراك في هذا الحفل لأسباب مماثلة، ولكن الجامعة المصرية قد قبلت الدعوة واشتركت في الاحتفال على يد مديرها.