للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ستالين وسياسته، ويذكي بنفوذه القديم روح النضال في أنصاره داخل روسيا؛ وهو الآن في منفاه النائي بالمكسيك، وبالرغم من محنته وشيخوخته ما يزال يشهر سهام الخصومة والنضال على عدوه؛ ويقول التروتسكيون إن ستالين قد سحق الثورة وبدد تراث لنين، وبسط على روسيا نوعاً من الاشتراكية الوطنية التي بسطها الهتلريون على ألمانيا، أو بعبارة أخرى بسط عليها نوعاً من الدكتاتورية البورجوازية (الرأسمالية)، وأرتكب بذلك أعظم خيانة لقضية الثورة البلشفية والثورة العالمية.

والواقع أن الدستور الجديد الذي صدق عليه مؤتمر السوفيت الأعلى في ٥ ديسمبر الماضي يدلل بروحه ونصوصه على هذه الحقيقة التي يتخذها التروتسكيون محوراً للخصومة والنضال، وهو أن الثورة الشيوعية قد انتهت، وانتهت كذلك فكرة الثورة العالمية. ذلك أن الدستور السوفيتي الجديد يعترف صراحة بحق الملكية الفردية التي يعتبر إلغاؤها أساساً جوهرياً لمجتمع الشيوعي؛ ويشتمل الاعتراف بهذا الحق ملكية الإيرادات الناتجة عن العمل وملكية المساكن الشخصية والأثاث المنزلي وحاجات الحياة اليومية، ويشمل أيضاً حق الميراث؛ ويمنح حق الملكية بالأخص للطبقات الممتازة في الدولة كموظفين وأعضاء الحزب الشيوعي، والذين حصلوا على أوسمة من ذوي المواهب والخدمات الممتازة؛ ومن جهة أخرى فأن الدستور الجديد يعترف بأن الحزب الشيوعي هو مصدر السلطات، ويحمي الدكتاتورية التي يبسطها على روسيا في الوقت الحاضر، ويؤيد بذلك طغيان ستالين زعيمه وسكرتيره العام؛ ثم أن الدستور الجديد لا يعترف بحرية الصحافة والرأي والاجتماع كحق للأفراد، وإنما يقرر أن الدولة هي التي تكفلها وهي التي تمد الشعب بالنشرات والصحف والخطباء وغيرهم، وهي التي تسيطر بذلك على عقل الشعب وروحه، وتسيره حيث شاءت.

هذه هي أسس الدستور السوفيتي الجديد؛ فأي فرق بينها وبين الفاشتية الإيطالية، أو الاشتراكية الوطنية (الهتلرية) الألمانية؟ أنه الطغيان الحزبي المطلق؛ وإنه لفناء الحقوق والحريات العامة كلها في شخص الدولة، والدولة هي الحزب القابض على السلطان؛ ومعنى ذلك إن ستالين قد أضحى بقوة الدستور الجديد يشغل في روسيا نفس المركز الذي يشغله موسوليني في إيطاليا وهتلر في ألمانيا؛ وهذا النظام الذي يتوجه الدستور السوفيتي

<<  <  ج:
ص:  >  >>