إليه المعاجم التي تقابل فيها مفردات لغتنا، مفردات لغة أخرى؛ وليست الحاجة في هذا مقصورة على لغة أو لغتين فأن الواجب يحتم علينا أن ننظر إلى كل اللغات الحية، بل وبعض اللغات غير كثيرة الانتشار، لنضع لها معجمات تقابل مفرداتها مفردات من اللغة العربية، على غرار ما نرى في المعاجم الكثيرة عند الأمم التي أدركت ما للمعاجم من أثر في إحياء اللغات ونشر الثقافة والمعرفة.
تأتي بعد ذلك حاجتنا إلى المعاجم الخاصة بالعلوم والفنون؛ فلست تجد الآن معجماً واحداً يرضي حاجة المختصين في علم من العلوم أو فن من الفنون ويسعفهم بالكلمة الصحيحة والتعريف الكامل للمصطلحات التي تصادفهم أثناء بحوثهم؛ وهذا نقص معروف شائع، فلا حاجة إلى التوسع في شرح الحاجة إلى سد ثغرته؛ وإنما يتبقى لنا أن نتعرف أن أمامنا في هذا مجهود شاق طويل علينا أن نبذله وأن نضحي فيه بالجهد والمال والعين والعافية.
أما الطامة الكبرى والمصيبة العظمى فتشعر بها إذا قارنت بين الأسماء القديمة والحديثة الواردة في كتب التاريخ أو الجغرافية، فقد تقرأ الاسم الواحد الدال على ذوات بعينها مرسوماً بعدة أهجية مختلفة في كتب مختلفة أو في كتاب واحد؛ فقد يتفق أن يكون المؤلف قد اعتمد على كتب إنجليزية تارة وعلى كتب فرنسية تارة أخرى؛ فينتقل الاسم الواحد كما يلفظه ويرسمه الإنجليز مرة، وكما يلفظه ويرسمه الفرنسيون مرة أخرى؛ ولا تبلغ بلبلة الألسن في هذه الناحية من الفساد مبلغها في نقل الأسماء القديمة، وبخاصة إذا كانت أسماء عرفها العرب، فقد قرأت في كتب مختلفة الأعلام الآتية: مرجراط، مرجرات، مرغرات، مرغراط، مرج راهط، مرج راهد، مرجراه، وكلها للموقعة المعروفة في مرج راهط؛ وقرأت: رقطيس، راقتيس، راقطبس، راقوده، رقوته، وكلها للمستعمرة الإغريقية المعروفة راقوطيس في شمال الدلتا في تاريخنا القديم وهي راقودة عند العرب؛ وقد أذكر أن الفروق في رسم الأعلام قد بلغ من الاختلاف في أسماء أخرى مبلغاً لا يدركه أشد الواقفين على حقيقة الأسماء القديمة، ولا شبهة عندي أن مبتدئاً في درس التاريخ أو الجغرافية إذا وقع له مثل هذا في كتب مختلفة أو كتاب واحد لظن لأول وهلة أن اختلاف الرسم يدل على اختلاف الذات.
هذه الحال تحفزنا إلى الدعوة لوضع معاجم لأسماء الأعلام، فنحتاج إلى معاجم في أسماء