ظهر ولله ما استتر. وقال ابن سعيد القيسي في كتابه القدح المعلى: كتبت إلى ابن سهل أستدعيه إلى أنس بثلاث أبيات فأجابني سراعاً بأبيات آخرها
سآلفها إلف العتيق كتابه ... ولأشتهي ورداً سواها لدى الخمر
فلما وصل أظهرت استحسان سرعة جوابه غير أني أنكرت عليه منزع بيته الأخير فقال: أليس في الجنة نهر خمر؟ فقلت: بلى فقال: حسبي لا أبغي به بدلا. فقلت: بحرمة ما بيننا إلا ما أصدقتني هل أنت على دين أسلافك، أم على دين المسلمين، وأزلت عني شك الناس فيك. قال: للناس ما ظهر ولله ما استتر. وقال في عنوان الدراية: سمعت شيخنا أبا الحسن الأندلسي يقول: شيئان لا يصحان: إسلام ابن سهل وتوبة الزمخشري من الاعتزال. وقد أستدل الأفراني المراكشي على حسن إسلامه بقوله:
تسليت عن موسى بحب محمد ... ولولا هدى الرحمن ما كنت أهتدي
وما عن قلى قد كان ذاك وإنما ... شريعة موسى عطلت بمحمد
جاعلاً أنه قصد بموسى الكليم عليه السلام، وبمحمد نبينا عليه الصلاة والسلام، وعندي أنه لا دليل في هذين البيتين (رغم اعتقادي حسن إسلامه)، وأن موسى المذكور غلام كان يعشقه، وذكر أسم محمد تورية، وقد جاء ذكر موسى هذا في شعره كثيراً، من ذلك قوله:
كساني موسى من سقام جفوله ... رداء وأسقاني من الحب أكؤسا
وقوله:
ليس ثاري على موسى وحرمته ... بواجب وهو في حل إذا وجبا
وقوله:
أشاعوا أنني عبد لموسى ... نعم صدقوا عليّ بما أشاعوا
وفي بيتيه الآتيين فصل القول أنه معشوقه لا الكليم عليه السلام:
موسى تنبأ بالجمال وإنما ... هاروت لا هارون من أنصاره
إن قلت فيه هو الكليم فخده ... يهديك معجزة الخليل بناره
شهادات العلماء فيه
قال ابن القاضي في كتابه درة الجمال: كان ابن سهل ممن أنتحل صناعة القريض فافتن بها وتصرف، وعنى بعالم الأدب فوعى وصرف، إلى أن بلغ الغاية في الشعر فصار فيه