هدية تهدى إليه بسبب ما يعمل لغيره من قرابين النار، وإما بسؤال من الملوك والكبار من غير إلحاح منه في الطلب أو كراهة من المعطى فلا يزال يكون في دور هؤلاء (برهمن) يقيم فيها أمور الدين وأعمال الخير، ويلقب:(برهت)، وإما من شيء يجتنيه من الشجر أو يلتقطه من الأرض، يجوز أن يضرب يده في التجارة بالثياب وبالفوفل، وإن لم يتولها واتجر له (بيش) كان أفضل، لأن التجارة في الأصل محظورة بسبب ما يداخلها من الغش والكذب، وإنما رخص فيها للضرورة، إذ لا بد منها، وليس يلزم البرهمن للملوك ما يلزم غيره لهم من الضرائب والوظائف. فأما التتابع بالدواب والبقر والأصباغ والانتفاع بالربا فأنه محرم عليه، وصبغ النيل من بين الأصباغ نجس، وإذا مس جسده وجب عليه الاغتسال ولا يزال يقلس ويقرأ على النار ما هو مرسوم لها.
وأما القسم الثالث، فهو من ألسنة الخمسين إلى الخامسة والسبعين، وفي (بشن) بدل الخمسة والسبعين تسعون، وفي هذا القسم يتزهد ويخرج من الكذخداهية ويسلمها والزوجة إلى أولاده إن لم تصحبه إلى الأصحار، ويستمر خارج العمران على السيرة التي سارها في القسم الأول، ولا يستكن بسقف ولا يلبس إلا ما يواري سوءته من لحاء الشجر، ولا ينام إلا على الأرض بغير وطاء، ولا يتغذى إلا بالثمار وبالنبات وأصوله، ويطول الشعر ولا يتدهن.
وأما القسم الرابع فهو إلى أخر العمر يلبس فيه لباساً أحمر ويأخذ بيده قضيباً ويقبل على الفكرة وتجريد القلب من الصداقات والعداوات، ورفض الشهوة والحرص والغضب، ولا يصاحب أحداً البتة، فان قصد موضعاً ذا فضل طلباً للثواب لم يقم في طريقه في قرية أكثر من يوم، وفي بلد أكثر من خمسة أيام، وإن دفع أحد إليه شيئاً لم يترك منه للغد بقية، ولم يكن غير الدؤوب على شرائط الطريق المؤدي إلى الخلاص والوصول إلى (موكش) الذي لا رجوع فيه إلى الدنيا.
وأما ما يلزمه في جميع عمره بالعموم فهو من أعمال البر وإعطاء الصدقة وأخذها، فأن ما يعطي البراهمة راجع إلى الآباء ودوام القراءة وعمل القرابين والقيام على نار يوقدها ويقرب لها ويخدمها ويحفظها من الانطفاء ليحرق بها بعد موته، واسمها (هوم)، والاغتسال كل يوم ثلاث مرات في سند الطلوع وهو الفجر، وفي سند الغروب وهو الشفق، وفي