البيروني من الحشو في هذه النقطة من جهة أخرى قد ألجأني إلى الآتيان بالنص لتحقيق الفائدة المرجوة. وهاك ما قاله البيروني عن هذه التقاليد:
عمر (البرهمن) بعد مضي سبع سنين منه منقسم لأربعة أقسام: فأول القسم الأول هو السنة الثامنة يجتمع إليه البراهمة لتنبيه وتعريفه الواجبات عليه وتوصيته بالتزامها واعتناقها ما دام حياً ثم يشدون وسطه بزنار ويقلدونه زوجا من (جنجوي) وهو خيط مفتول من تسع قوى، وفرد ثالث معمول من ثوب يأخذه من عاتقه الأيسر إلى جانبه الأيمن ويعطي قضيباً يمسكه وخاتم حشيشة يسمى (دربهى) يتختم به في البنصر اليمنى، ويسمى هذا الخاتم (ببتر) والغرض فيه التيمن والبركة في عطاياه من تلك اليد، والتشديد فيه دون التشديد في أمر (جنجوي) فأن جنجوي مما لا يفارقه البتة، فأن وضعه حتى أكل أو قضى حاجته خالياً عنه، كان بذلك مذنباً لا يمحصه عنه غير الكفارة بصوم أو صدقة. وقد دخل في القسم الأول إلى السنة الخامسة والعشرين من سنيه، ووجدت ذلك في (بشن بران) إلى السنة الثامنة والأربعين. والذي يجب عليه فيها هو أن يتزهد ويجعل الأرض وطاءه ويقبل على تعلم (بيذ) وتفسيره وعلم الكلام والشريعة من أستاذ يخدمه أناء ليله ونهاره، ويغتسل كل يوم ثلاث مرات، ويقيم قربان النار في طرفي النهار، ويسجد لأستاذه بعد القربان، ويصوم يوماً ويفطر يوماً مع الامتناع عن اللحم أصلاً، ويكون مقامه في دار الأستاذ ويخرج منها للسؤال والكدية من خمسة بيوت فقط كل يوم مرة عند الظهيرة أو المساء، فما وجد من صدقة وضعه بين يدي أستاذه، ليتخير منه ما يريد ثم يأذن له في الباقي فيتقوت بما فضل منه ويحمل إلى النهار حطبها من شجرتي:(بلاس) و (دوب) لعمل القربان؛ فالنار عندهم معظمة وبالأنوار مقترنة، وكذلك عند سائر الأمم فقد كانوا يرون تقبل القربان بنزول النار عليه ولم يثنهم عنها عبادة أصنام أو كواكب أو بقر وحمير أو صور.
وأما القسم الثاني فهو من السنة الخامسة والعشرين إلى الخمسين، وفي (بشن براين) بدل هذه الخمسين سبعون، وفيه يأذن له الأستاذ في التأهل فيتزوج ويقيم (الكذخداهية)، ويقصد النسل، على ألا يطأ امرأته في الشهر أكثر من مرة عقب تطهر المرأة من الحيض، ولا يجوز له أن يتزوج بامرأة قد جاوز سنها اثنتي عشرة سنة، ويكون معاشه إما من تعليم (البراهمة وكشتر) وما يصل إليه منه فعلى وجه الإكرام لا على وجه الأجرة، وإما من