أنه يثاب على عمله في مجامع المثابين، ولا ينال ما أراد من أجل نقصانه، ولكنه يعود إلى الدنيا فيؤهل لقالب من جنس مخصوص بالزهادة ويوفقه إلى الإلهام القدسي في القالب الآخر بالتدرج إلى ما كان أراده في القالب الأول، ويأخذ قلبه في مطاوعته ولا يزال يتصفى في القوالب إلى أن ينال الخلاص على توالي التوالد)
وقال في كتاب (سانك): أما من أستحق الاعتلاء والثواب فانه يصير كأحد الملائكة مخالطاً للمجامع الروحانية غير محجوب عن التصرف في السموات والكون مع أهلها أو كأحد أجناس الروحانيين الثمانية. وأما من أستحق السفول بالأوزار والآثام، فانه يصير حيواناً أو نباتاً أو يتردد إلى أن يستحق ثواباً فينجو من الشدة أو يعقل ذاته فيخلى مركبه ويتخلص.
قال صاحب كتاب (باتنجل): إفراد الفكرة في وحدانية الله يشغل المرء بالشعور بشيء غير ما اشتغل به، ومن أراد الله أراد الخير لكافة الخلق من غير استثناء واحد بسبب، ومن اشتغل بنفسه عما سواها لم يصنع لها نفساً مجذوباً ولا مرسلاً. ومن بلغ هذه الغاية غلبت قوته النفسية على قوته البدنية. فمنح ألا فتدار على ثمانية أشياء بحصولها يقع الاستغناء، فمحال أن يستغني أحد عما يعجزه واحد. تلك الثمانية هي: التمكن من تلطيف البدن حتى يخفى عن الأعين؛ والثاني التمكن من تخفيفه حتى يستوي عنده وطء الشوك والوحل والتراب؛ والثالث التمكن من تعظيمه حتى يراه في صورة هائلة عجيبة؛ والرابع التمكن من الإرادات؛ والخامس التمكن من علم ما يروم؛ والسادس التمكن من الترؤس على أية فرقة طلب؛ والسابع خضوع المرؤوسين وطاعتهم؛ والثامن انطواء المسافات بينه وبين المقاصد الشاسعة.
تقاليد البراهمة
كتب كثير من العلماء الفرنجة المحدثين المشتغلين بتاريخ الفلسفة حول تقاليد البراهمة وطقوسهم الدينية، فهممت بأن ألخص لك هنا ترجمة ما كتبوه من هذه التقاليد على نحو ما فعلت في الطقوس المصرية، ولكني وجدت ما كتبه أولئك العلماء ليس إلا هيكلاً عظمياً إلى جانب ما نقله أبو الريحان البيروني عن هذه التقاليد، فلم يسعني إلا العدول عن الناقص إلى الكامل أو القريب من الكمال. وكنت أحب أن ألخص هذا النص في عبارات من عندي لكي لا أكثر من النقل عن الغير، ولكن ضرورة الاصطلاحات الفنية من جهة وخلو كلام