أما في الوسط فيوجد سبعة ملائكة رفع الأتقياء إلى النعيم وعلى اليسار الإلقاء بالمغضوب عليهم في الجحيم، وهنا نرى عبقرية ميكيلانجلو قد بدت في أقوى مظاهرها.
وتحت هذه المناظر صورة أخرى تمثل البعث وغيره من المناظر الدينية، كلها عظيمة الإنشاء قوية الإخراج، وفيها يتمثل العنف والسيطرة الكاملة على التصوير الجسماني في أروع مظاهره وأبدع حركاته، وقد تحقق بإخراجها على يد ميكيلانجلو حلم الفنانين والمثل الأعلى لمؤرخي الفن الذين يعتبرون خلقه وإبداعه أسمى مقياس يمكن الوصول إليه؛ ولا سيما أنه قد تحرر في كثير من هذه المناظر من قيود الكنيسة وتعاليمها، طامحاً نحو السمو والكمال الفني المنشود، فخرج عمله شعراً منثوراً من الناحية المعنوية، وتصويراً عظيماً من الناحية الفنية.
والناظر إلى هذه الصور يرى عليها شيئاً من اللون الدخاني قد غلبه على كل ألوانها مرور مئات السنين وكثرة إشعال البخور داخل الكنيسة.
أما آخر أعماله التصويرية فهو مجموعة المصورات المسماة (باولينا) وهي أيضاً بالفاتيكان بروما. وأهمها صورتان عظيمتان كبيرتان، الأولى لظهور المسيح، والثانية لصلب بطرس (١٥٤٥ - ١٥٥٠) وهما لا تقلان روعة عما سبقهما، ولو أن طريقة الإخراج كانت على كل شيء يسير من التكلف، أما الثانية فقد ظهرت واضحة جلية في الكيفية التي سار عليها في تصوير الأجسام الهائلة التي بدا عليها العنف والحركة.
ومهما حاولنا الوصف فأن مشاهدة هذه المناظر مما لا بد منه لمن يريد الوقوف على مدى القوى البشرية الموهوبة من الخالق ومدى ما يمكن الوصول إليه من عمل فني رائع، إن قدر لنا أن نفهمه استطعنا أن نستمتع بناحية من أسمى وأروع نواحي الاستمتاع الإنساني.
وله أيضاً في هذه المرحلة صورتان تخطيطيتان لمعشوقته فيتوريا كولونا، ويتجلى فيهما تأثره بالدين، كما نلاحظ من عنايته الفائقة ما كان لهذه المعشوقة من قدر في نفسه وأثر عليها، أما صورته لمريم والمسيح مأخوذا من الصلب، وصورته للمسيح مصلوباً فان أصولهما مجهولة للآن.
وتكاد تكون جامعة أكسفورد هي الفريدة التي حصلت على مجموعة جيدة من تصويره الخطي، ويعقب ذلك جاليري بوناروتي في أوفيسين والمتحف البريطاني ومتحف اللوفر.