وليس عمل برنامج اللغة العربية في المدارس الابتدائية والثانوية من الأمور السهلة، فهو يحتاج إلى دراسة المناهج السابقة من أول وضعها، ويحتاج إلى دراسة المناهج للغات الحية الأخرى في الأمم المختلفة للاستفادة منها والاتصال بتلاميذ المدارس في مراحلهم المختلفة لمعرفة مقدار عقليتهم وهكذا.
ثم الامتحان له كبير أثر في ضعف اللغة، لان التلاميذ عندنا اعتادوا أن يقرءوا للامتحان، ويتعلموا للامتحان، وبقدر صعوبة الامتحان والتشديد فيه تكون عناية الطلبة.
والامتحان في اللغة العربية معيب من وجهين: من وجهة ورقة الامتحان فأنها في اغلب شأنها نظرية لا عملية وتعتمد على الذاكرة والحفظ أكثر مما تعتمد على التفكير والعمل، واللغة أداة للتعبير، والغاية منها تقويم القلم واللسان فيجب أن يرمي الامتحان إلى هذه الغاية؛ أما أن تكون الأسئلة فيما هو التشبيه الضمني، وما هي الاستعارة المكنية، واثر الثقافة اليونانية في الثقافة العربية، فأسئلة لا يصح أن تكون في المرحلة الأولى ولا الثانية من التعليم، إنما تكون بعد أن يستكمل الطالب الجانب العملي
وكذلك من جهة التصحيح، فقد استولى على مصححي اللغة العربية نوع من العطف أشبه ما يكون بالعطف على المجرم فلا يعاقب؛ وبعطف إلام الجاهلة على أبنها فلا تؤدبه، وأخشى أن يكون هذا التقليد في تصحيح اللغة العربية موروثاً عن رجلين أحدهما المستر دنلوب وكان ينصح بالتساهل في اللغة العربية لأنه لم يكن يهمه أمر قوتها، وثانيهما المرحوم الشيخ حمزة فتح الله فقد طبع على الرحمة التي لا حد لها، وشاع عنه أن لكل مسالة وجهين، ثم انحدر هذا التقليد من السلف إلى الخلف
والمصححون يبنون تساهلهم على فكرتين باطلتين: أولاهما أن اللغة العربية هي اللغة الأصلية فلا يصح أن يرسب الطلبة فيها، وهذا خطأ، لان لغتنا الأصلية هي اللغة العامية لا اللغة العربية الفصحى وشتان ما بينهما، ولو كانت هي لغتنا الأصلية ما شكونا هذا الضعف؛ وثانيتهما غلبة الرحمة عليهم وقد أبنا ضررها.
وليس أدل على فساد الامتحان من حسن النتيجة المئوية مع ضعف الطلبة ضعفاً نضج منه جميعاً بالشكوى. أمن المعقول أن نلمس هذا الضعف ثم تكون نسبة النجاح فوق الثمانين في المائة؟