يدين بالثورة ولكنه يدين بآمال لبني الإنسان وراء آمال الشيوعيين. . . . فيقول الناقدون الحكوميون الحصفاء: وماذا عسى أن تكون تلك الآمال؟ أليس هذا دليلاً على أن الكاتب يخامره شعور كشعور الموسرين الذين فقدوا غنائمهم فهم أبداً في حنين إلى حال وراء هذا الحال؟!
وحقت اللعنة على زمياتين لأنه يحظى بالشهرة والمتابعة بين أناس من الآدميين البورجوازيين. فضاع الرجل في بلاده ولم يغن عنه إعجاب القراء في غيرها، ولم يؤذن له أن يكون إنسانا لأن الإنسانية تشمل الناس جميعاً. أما الشيوعية فلا ينبغي أن تشمل أحداً غير الشيوعيين!. .
ونحسب أن المقاييس كلها عرضة للضلال والحيرة والاشتباه. إلا مقياس الحرية الفنية فهو وحده حسب الباحث من قياس صحيح واف لمراتب الأمم وفضائل المجتمعات ومآثر الحكومات
فلا حرية - حق حرية - حيث تتقيد الثقافة الفنية، ولا استبعاد - حق الاستبعاد - حيث تنطلق الثقافة الفنية من قيودها
وبهذا المقياس الصادق المحكم ننفذ إلى الصميم من وراء الأغشية والظواهر ولا نقصر الحكم على الحرية التي تمثلها الشرائع ودساتير الحكومات
فرب أمة لا تشتمل قوانينها على خرف واحد يحرم الابتكار والحرية، بل تنص القوانين فيها على حرية الرأي وحرية الإبداع والتصوير، ثم يظهر (الأثر الفني) فيها فتضيق به الصدور وتشيح عنه الأبصار وتتلاحق الكوارث على رأس صاحبه، لأنه يقول ما لا يعجب الناس وإن لم يقل ما يخالف القوانين ويناقض الدساتير
تلك أمة من العبيد وإن قيل على الورق إنها أمة من الأحرار. وشر ما فيها إنها مستعبدة مقهورة بغير حراس وغير قيود وغير طغاة، ولو كان استعبادها من حراسها وقيودها وطغاتها لزال الاستعباد حين يزول جميع هؤلاء
ورب أمة تزدحم الأوراق فيها بتحريم هذا وعقوبة ذاك ولا تنقطع فيها مبدعات الجمال وآيات الفنون فترة من الفترات. فارجع إلى مقاييس القوانين كلها تقل لك إنها أمة مغلوبة مسلوبة، وارجع إلى مقياس الفن وحده يقل لك ما هو اصدق واعمق، وهو أن السعة سعة