رواية رويتها فأثبتها مسندة إلى راويها وعليه تبعتها
إن التاريخ الأدبي للرافعي يبدأ من سنة ١٩٠٠ وتاريخ ميلاده قبل ذلك بعشرين سنة؛ وأنا ما بدأت صلتي بالرافعي إلا سنة ١٩٣٢ فما كان من هذا التاريخ فسأرويه من غيب صدري أو مذكراتي وعليّ تبعته، وما كان من قبل فقد سمعت به من أهله وأصدقائه الأدنين وخلطائه منذ صباه، أو كان مما قصه عليّ أو عرفت عنه من أوراقه الخاصة ورسائله إلى صحبه ورسائل صحبه إليه. فهذه مصادر علمي أقدمها بين يدي هذا الحديث ليعرف قارئه أين مكانه من الصدق ومنزلته من الحق. على أن للذاكرة خئون، وما يمر على فكر الإنسان من مختلف الحوادث وصروف الأيام ينسيه أو يلهيه أو يخلط في معلوماته شيئاً بشيء؛ فمن كان يعرف شيئاً من تاريخ الرافعي ورأى أني تصرفت فيه بنقص أو زيادة أو تغيير أو تبديل فليراجعني الرأي وليرشدني إلى الصواب، على أن أكون عنده بمنزلة من حسن الظن وأن يكون عند نفسه؛ وألا فليرحني وليرح نفسه فما بي حاجة إليه ولا به حاجة. ورجائي هذا إلى أصدقاء الرافعي وخاصته وخلطائه؛ أما الذين يروون عن السماع فليعلموا أن الحديث المتداول يزيد وينقص، فما أرويه هو أقرب إلى الحق مما يكونون سمعوه
الرافعي في يومه الأخير
في الساعة الثانية بعد الظهر الأحد ١٣ مايو سنة ١٩٣٧ نهض الرافعي من مكتبه بمحكمة طنطا الكلية الأهلية منطلقاً إلى داره في رفقة صديقه الأديب أمين حافظ شرف، وتحت إبطه عديد من الكتب والصحف والمجلات، تعود ألا يسير إلا معه مثلها، وفي يمناه عصاه يهزها أمام ووراء؛ وما افترقا حتى تواعدا على اللقاء مساءً في مكان ما، ليذهبا معاً إلى (متنزه البلدية) فيشاهدا فرقة راقصة هبطت إلى المدينة منذ قريب، وتغدى الرافعي وصلى الظهر ونام، ثم نهض في الساعة الخامسة فصلى العصر وجلس يداعب أولاده - وجلوسه مع أولاده يداعبهم ويمزح معهم ويتبسط لهم جزء من عمله اليومي - ثم ذهب إلى عيادة الدكتور محمد الرافعي حيث لقي هناك أخاه الدكتور نبوي وصهره الأستاذ مغازي البرقوقي، فجلس الرافعي يمزح ويضحك ويتندر أكثر مما عرف عنه من المزاح والضحك والتندر في يوم من الأيام؛ ثم صلى المغرب والعشاء في العيادة، ودعا أخاه ليصحبه إلى