وكان سلطانهم ممتداً من ساحل المحيط الاطلنطيكي إلى تخوم الصين، وكانوا هم أهل الصنائع والفنون
وكانوا أهل الشرائع العادلة، وأولي نظام في سياسة الملك قويم، وآداب خالدة رائعة وفلسفات
قلت: معلوم
قال: اجل، فهذا شيئاً مفصل في كتب التاريخ؛ فما الذي يمنعني الآن من أن افخر بهم، وبماضيهم المجيد الزاهر، لكي ابعث في نفوس بني جلدتي - أبنائهم - الصُبُوَّ إلى السير على آثارهم مع أداء الواجب الحق لما يتطلبه العصر الحديث منها من أعمال مهما كان نوعها، ترفع لامتنا رايتها خفاقة بين رايات الأمم الحية القوية المنيعة الجانب، الرافلة في حلل المدنية، المتمتعة بمتع المجد والاستقلال. وكذلك كان أجدادنا العرب أولئك في أزمانهم السعيدة، وأيامهم الخالدة الذكر، في سفر الحياة. وإنهم كانوا مع شيوع الفلسفة لديهم مسلمين حق إسلام، يشعرون برابطة العروبة غالباً، وإن كانت القومية على الطراز الغربي الجديد غير معروفة لديهم. . . فاكرر لك مرة ثانية: أنا قومي بعد كوني مسلماً؛ وليس عندي - لنفسي - رأي غير هذا. . .
إلى هذه النقطة من الحديث بلغ الشيخ. فانتهينا إلى مرحلة من الطريق، وجبت فيها علينا الراحة. وكنا في ضاحية قرية كائنة على جرف واد يشرف عليه جبل سامق، نبتت في سفوحه الجنات والحدائق الغلب؛ فأردت أن اكتفي من الرجل بما سمعت فالتفت إلى السائق أساله (الشاي) له؛ فقال مبتسماً وهو ينزل من السيارة: لعلك ترى في كلامي اقتضاباً مخلا، فإني وأن كنت شيخاً، لا اعرفني إلا من أقل الطلبة علماً فإن ألفيت في منطقي وفي رأيي ما لا تراه وافياً فسامحني فيه، فهذا حديث عجلان. . .