للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عن كيانه، ليحفظ على نفسه حياتها وسعادتها وأمنها - يدافع عن حياضه ببسالة وقوة وهو ما يرمي إليه علي بخطابته.

وتارة يلجأ إلى ماضي أعداءه؛ فيذكرهم به، ويتحدث عما كان لهم ولآبائهم من قبلهم من خصومة للإسلام، وسعي إلى تحطيم أساسه، ثم يأخذ في بيان ما له من مآثر ومزايا، تجعل الموازنة بينه وبين معاوية ضربا من العبث؛ قال علي: (. . . لم يرعني إلا شقاق رجلين قد بايعاني، وخلاف معاوية، الذي لم يجعل الله له عز وجلّ سابقة في الدين، ولا سلف صدق في الإسلام، طليق بن طليق، حزب من الأحزاب، لم يزل لله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وللمسلمين - عدواً، هو وأبوه حتى دخلا في الإسلام كارهين؛ فلا غرو إلا خلافكم معه، وانقيادكم له، وتدعون آل نبيكم صلى الله عليه وسلم، الذين لا ينبغي لكم شقاقهم ولا خلافهم، ولا أن تعدلوا بهم من الناس أحداً) وبيان مآثر علي ومزاياه، ونقائص معاوية والطعن في أغراضه ومقاصده، أهم ما يدور عليه خطب العلويين حين يدعون قومهم إلى الحرب والقتال.

أما معاوية بن أبي سفيان فقد لجأ أيضاً إلى الناحية الدينية يثيرها في نفوس قومه ويحفزهم بها إلى الجهاد والقتال؛ ينثر أمامهم حجته الوحيدة التي دفعته إلى الخلاف وشق عصا الطاعة وهي قتل عثمان، وادعاءه أن علياً آوى قتلته ولم يأخذ بثأره، ولذلك كان هو ومن معه قوماً نكثوا البيعة، وسفكوا الدم الحرام في البلد الحرام.

وهناك شيء آخر يستطيع أن يستغله معاوية في إثارة حفيظة قومه: ذلك أن علياً وصحبه قوم اقبلوا من بلادهم، واعتدوا على حرمة الشاميين وحرمة ديارهم، فليس أمامهم أن أرادوا الحياة خالية من العار إلا أن يقاتلوا ويذبوا عن نسائهم وأبنائهم، قال معاوية يحرض قومه على القتال: (. . . انظروا يا أهل الشام، إنكم غدا تلقون أهل العراق؛ فكونوا على إحدى ثلاث خصال: إما أن تكونوا طلبتم ما عند الله في قتال قوم بغوا عليكم؛ فأقبلوا من بلادهم حتى نزلوا بيضتكم، وإما أن تكونوا قوماً تطلبون بدم خليفتكم وصهر نبيكم؛ وإما أن تكونوا قوماً تذبون عن نسائكم وأبناءكم، فعليكم بتقوى الله والصبر الجميل واسألوا الله لنا ولكم النصر. . .)

وأيضاً كان يلجأ معاوية وصحبه في تقوية الروح المعنوية إلى الحديث عن ضعف جيش

<<  <  ج:
ص:  >  >>