للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتعليل هذه الظاهرة سهل يسير، هو ذا التخاذل الذي بدا من القوم بعد التحكيم، فلقد سئموا القتال وملوه، وركنت نفوسهم إلى الهدوء والدعة، واستسلموا إلى الراحة، ووجدت الفرقة سبيلها إلى قلوبهم، فكان الإمام في أشد الحاجة إلى ما يبعث الحياة فيهم، ويعيد الحماسة إليهم، فلا غرو، كان يلجأ إلى الخطابة فيجعلها قوية الأسر، مليئة بالألفاظ الضخمة التي تثير النفس، وتبعث النخوة، مفعمة بالتحذير والانذار، علها تحيي الميت أو تبعث الروح في الجماد

نستطيع أن نقول: إن الخطب في عهد علي تؤرخ لنا الحالة السياسية، وتسجل أهم ما كان في فترة خلافة علي، وفضلا عن ذلك نستطيع إذا أنت تتبعت الخطب، أن تلمس الحوادث التي قيلت فيها لمسا، وهي تكشف لك صراحة نفسية الإمام علي، وتبين الأدوار التي مرت فيها آماله: من النهوض والتفاؤل في أول الأمر؛ إلى اليأس والقنوط في آخره، كما أنها تكشف أيضا نفسية قومه، وتضعها أمامك في صورة واضحة، وإن المؤرخ ليجد في هذه الخطب معينا لا ينضب، يساعده على فهم نفسيات المتقاتلين ليدرك النتائج التي وصلت إليها الحرب، وكيف كانت طبيعية لا بد من حدوثها

أحمد أحمد بدوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>