لنفسي: وهذا أيضاً صحيح وهو من مزايا الملكية، والشعوب تحب أن ترى في ملكها رمزاً لكل ما تحرص عليه وتضن به، من دينها وعاداتها وتقاليدها وآمالها، ولا يتأتى هذا كما يتأتى في الملكية. وقال ثالث: إنه متواضع رقيق الحاشية والقلب. فحدثت نفسي أن هذا أيضاً، ومعقول أن يكون باعث حب، فما من أمة تحب العجرفة والشموخ والغطرسة والجبروت في حكامها، حتى ولو خضعت لهم مكرهة، وهي تؤثر الحدب والرعاية والعطف والعدل، وهذا كله حقها. وقال آخر: إن الأمل فيه عظيم، وإن البشرى به حسنة، وإن فاتحة عهده آذنتنا بالخير. ولا يكون مثل هذا الأمل الكبير في رجل عرفت حياته ونزعاته واتجاهاته، وأصبح ما يمكن أن يكون منه مما يسهل أن يعرف بالقياس على ما كان فعلا في ماضيه المعروف. وعظم هذا الأمل دليل على عظم الرغبة في الانتقال إلى ما هو خير. ودلالات هذا الأمل كثيرة وليس هنا مقام القول فيها. وقد كثرت في جلستنا الأسباب التي يعزى إليها حب الشعب لملكه الشاب، وكلها صحيح ولكني لا أذكر الآن أن واحداً منا أشار إلى جاذبيته الخاصة، وقد يكون مرجعها إلى الشباب، ولكني أحسبها هبة من الله، فما أكثر الشبان وما أثقل الكثيرين منهم!
وعدنا وما كان لنا حديث إلا الملك فاروق وحبه لأمته وحب الأمة له. وما أظن أن حديثاً آخر كان خليقاً أن يكون أشهى وأمتع. ومتى كان الحديث عن الملك في المجالس أشهى الأحاديث وألذها فإن للملك أن يبشر وللأمة أن تستبشر