- وله مقام كمقام الملك، واحترام كاحترامه، وتقاليد ملكية مقررة لا تختلف ولا يمكن التساهل في أمرها. وكل ما ذهب هو نظام الوراثة. هذا والملكية نشوءها طبيعي في الأمم، فقد كان الملك في العصور الأولى هو الأقوى أو الأقدر على العموم وبقدرته أو قوته الممتازة استحق التسويد. أما الجمهورية فنظام قائم على التكلف والمغالطة. والزعم فيه هو أن الأمر والرأي للأمة، ولا أمر ولا رأي للأمة في الحقيقة، وإنما الأمر والرأي لنفر ممن في أيديهم مقاليد الأمور، وأعنة الشئون. ومادامت الشورى هي نظام الدولة، والدستور هو الذي يجري على قاعدته الحكم، والملك لا يحكم إلا بواسطة وزرائه، فلماذا تتكلف الأمم عناء التبديل والتغيير والمغالطة لنفسها وتجيء برئيس جمهورية لا يختلف عن الملك في شيء، ثم تزعم أنها جاءت بجديد؟ كل ما تصنعه الأمم التي اعتاضت الجمهورية من الملكية هو أنها أفسحت المجال لأطماع وراء الأطماع العادية في مناصب الحكم أي في المناصب الوزارية. وقد يكون من عجائب الإنسان أنه لا يقنع بمنصب الوزارة - وهو منصب حكم فعلي لا وهمي - وأن يروح يطمع في منصب لا يكون لصاحبه وهو فيه من الأمر قليل أو كثير. وكل ما يفيده هو الأبهة التي ليس وراءها حقيقة. ومن مغالطات الإنسان لنفسه أن يدعي كره الملكية وأن يتخذ مع ذلك كل مظاهرها ما خلا الاسم، ويروح على الرغم من هذا يقنع نفسه أنه غير شيئاً حين أبدل الملك برئيس جمهورية. وقد تكون الجمهورية أو ما إليها معقولة في بلد حديث العهد بالوجود مثل الولايات المتحدة؛ أما في الأمم القديمة التي نشأت فيها الملكية وتقررت زمناً فإن التغيير لا يكون إلا مغالطة ولا يكون الباعث عليه إلا الأطماع الشخصية أو جنون الحركات الثورية التي يفقد فيها العقل اتزانه واستقامة نظره، وهدوءه
ولم أسترسل في هذه الخواطر التي لا أدري لماذا دارت في نفسي، فعدت إلى رفاقي أسألهم عن الملك فاروق وأحاول أن أعرف سر هذا الحب كله. فقالت فتاة صغيرة بسذاجة محببة: إنه شاب حلو. فقلت لنفسي: إن هذا معقول فإن الأمم تحتاج إلى الشباب لتجديد نفسها. ومجرد وجود ملك شاب على رأس أمته يشعرها بفيض جديد من الحياة والشباب على الخصوص، وينعش في نفوسها الأمل. ولعل فتاتنا الساذجة لا تدرك ذلك كله، ولكنها صدقت من حيث لا تدري. وقال رجل: إنه شديد التمسك بعادات قومه ودينهم. فقلت