للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لليمين التي نص عليها الدستور في مادته الخمسين، وذلك أمام البرلمان مجتمعاً بمجلسيه في هيئة مؤتمر ونصها: (أحلف بالله العظيم أني أحترم الدستور وقوانين الأمة المصرية وأحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه)؛ وسيتلو هذا الإجراء الخطير عدة حفلات واستقبالات عظيمة يتاح فيه للأمة أن تبدي عميق حبها وولائها لمليكها، ويستعرض فيها الجيش المصري الذي تؤمل مصر أن يستعيد في المستقبل القريب مجده العسكري التالد، ويغدو حصنها المكين، وحامي حمى استقلالها وذمارها

وإذا كان (تتويج) الفاروق سيقتصر على ثلاثة إجراءات ومظاهر رئيسية، هي أداء اليمين الدستورية يوم الخميس القادم، فأداء صلاة الجمعة في اليوم التالي في مسجد الرفاعي، ثم استعراض الجيش في اليوم الثالث؛ فإن هذا البرنامج على بساطته المؤثرة يحتوي جميع العناصر القومية والشعبية التي تأخذ بها جميع القصور والأمم العريقة، بل والتي عرفتها الملوكية المصرية في ظل الدولة الإسلامية؛ ذلك أن تبادل العهد بين العرش والأمة عن طريق اليمين الدستورية التي يؤديها جلالة الملك أمام ممثلي الأمة، والتي هي معقد رسوم التولية، ليست في الواقع إلا مظهراً جديداً من مظاهر نظام البيعة القديم تطور مع الزمن طبقاً لتطور الفكرة الدستورية؛ ففي العصور الوسطى كانت الخلافة أو العرش مصدر السلطات الروحية والزمنية، وكانت البيعة تعقد للخليفة أو صاحب العرش بهذه الصفة؛ أما اليوم فإن الأمة تغدو في ظل النظم الدستورية هي مصدر السلطات، ويغدو العرش رمزها الأسْمَى، وهي التي يدين لها الجميع بالولاء

أما التتويج بصورته الشكلية المعروفة عند ملوك النصرانية من وضع التاج على رأس الملك الجديد في حفل ديني على الأغلب فلم يتبع دائماً في الدولة المصرية الإسلامية، ولم يتبع إلا في دولة الخلفاء الفاطميين، فقد كان لخلفاء هذه الدولة ضمن آلات الملك تاج من الجوهر الثمين يعرف بالتاج الشريف وبه جوهرة عظيمة تعرف باليتيمة ومن حولها جواهر دونها، وله موظف خاص يوكل بوضعه على رأس الخليفة في المواكب والأيام العظام يعرف (بمتولي شد التاج). أما الدول التي تلتها كالدولة الأيوبية، ودولة المماليك البحرية، ثم دول السلاطين الشراكسة، فلم يكن التاج بين الآلات الملوكية التي اختصت بها، بل كان أهمها العرش (أو سرير الملك) وكان سلاطين هذه الدول يضعون على

<<  <  ج:
ص:  >  >>