ولذلك قلت: إن معسكركم أشبه شيء بمعسكر الحجاج. وتسألني لمن سيكون النصر؟ فأقول إن هذا ما لا أعرفه، لأن علمه عند الله، وستعلمن نبأه بعد حين)
إن للأتراك أغلاطاً ولكنهم قوم كرام. ومع أن حافظاً قد تألم وكاد يصعق مما قاله العربي الصريح، فقد فك أسره وخلى سبيله، وقبل أن يعود إليه صوابه جاءه رسول ومعه خطاب من إبراهيم؛ ولم يكن هذا الرسول يحمل راية الهدنة لأن الحرب لم تكن أعلنت رسمياً بين الدولتين. وكان تاريخ الخطاب ٨ يونيه سنة ١٨٣٩ وقد جاء فيه:
(إن التعليمات التي أرسلتها الدول العظمى إلى قناصلها المقيمين في الإسكندرية قد أقنعتني بأنهن غير راضيات عن الحرب؛ وإني لأعرف أيضاً أن سمو مولاي المعظم غير راض عنها، ولكن على الرغم من هذا.
(١) فإن سليمان باشا المرعشلي أرسل فصيلة من جنوده هاجمت جيوشنا في بولانق.
(٢) وأرسلتم فرقة إلى باياس لتحريض أهلها على الانتقاض علينا
(٣) وبعثتم بالحاج عمر أوغلو إلى كرد داغ للغرض نفس.
(٤) وغزوتم أرضنا وهاجمتم عرب الهنادي التابعين لنا.
(٥) ووزعتم الأسلحة على أهل ولاية عيتناب، ودخل سليمان باشا المرعشلي هذه المدينة ولا يزال باقياً فيها إلى الآن. وبالأمس هاجمت قوة من الفرسان تحت قيادة سعادتكم صفوفنا وأمرتم مدفعيتكم أن تصوب نيرانها على فرساننا الهنادي في مخافرنا الأمامية).
وبعد أن ذكر إبراهيم هذه الأسباب قال:
(ولقد صبرت إلى الآن على هذا كله ولم أقابله بمثله، لأنني كنت أحاول أن أقنع نفسي بأن هذه الأعمال العدائية تغضب السلطان مولانا المعظم. فإذا كنتم سعادتكم تعزون سكوتي عنها إلى الخوف فأنكم مخطئون في ظنكم، إذ ليس لسكوتي إلا سبب واحد هو حرصي على احترام رغبات سمو والدي وسيدي المعظم. وإذا كنتم سعادتكم قد تلقيتم الأمر باستئناف القتال، فما بالكم تنهجون هذا النهج وتدسون الدسائس. هلموا إلى ميدان القتال ولكن هلموا إليه بصراحة، وخوضوا غمرات الحرب كما يجب أن تخاض. وإلا أخالكم قد نسيتم ما حدث منذ بضع سنين، وستلقون رجالاً لا يعرف الخوف طريقة إلى قلوبهم؛ أما الدسائس فأننا لا نطيق احتمالها إلى الأبد. فهل أحظى منكم بجواب صريح؟ فإن فعلتم فسينقل ردكم