للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي هذه السنة أيضاً (١٥٠٤) سافر إلى فلورنسا وأقام فيها بضع سنوات لم يتركها أثناءها إلا عندما كان يذهب في بعض الآونة إلى بلدته أوربينو أو إلى بيروجيا حيث يقيم معلمه

وتأثر في فلورنسا بتراث ليوناردو (راجع الرسالة) وبفن فرا بارتولوميو فدقته في التصوير وعنايته المنهجية ترجع إلى ليوناردو، على حين ترى السيمتري وجمال التناظر وإبداع التقسيم ورشاقة الحركة إلى بار تولوميو

وصور في فلورنسا لوحة لأجل سان فاتشسكو في بيروجيا تمثل دفن المسيح، وهي القطعة التي لا تزال محفوظة بجاليري بورجيره في روما

واستدعاه البابا يوليوس الثاني سنة ١٥٠٨ للتوجه إلى روما حيث زخرف وصور بعض غرف بالفاتيكان، وهنا بدأ اسمه ينشر، وما كاد يعمل لدى البابوين يوليوس الثاني وليو العاشر إلا وكانت الألسنة تلهج بذكره، وعم صيته إيطاليا وغيرها من البلدان المجاورة

وكلفه فرانس الأول ملك فرنسا بأعمال فنية كما تهافت عليه كثيرون من الأكابر، والتف حوله تلاميذ عديدون من المعجبين به والراغبين في فنه

ولم يكن مظهر رفايللو ليدل على أنه فنان، بل كان أقرب إلى مظهر الأمراء منه إلى رجال الفن. فتكوينه الجسماني الرقيق وملابسه الرائعة الاختيار، وشبابه الغض، إلى جانب أدبه الجم وحديثه الخلاب، كل هذا جعل الناظر إليه أو المتحدث معه يظن أنه في حضرة أمير أرستوقراطي

وكأن المشيئة أرادت ألا يكون بين ميكيلانجلو وبين رفايللو أي تشابه أو انسجام، حتى الاتجاه الفني عند كليهما كان مختلفاً، فالموضوع الإنشائي وطريقة الإخراج والتعبير تباينت عند كل منهما

وكان في الخمس السنوات الأخيرة من حياته الرئيس الأعلى لبناء كنيسة بطرس، وتعمق في دراسة علم الآثار ومعرفة أسرار الفن القديم، وفكر في رفع الأنقاض والأتربة عن آثار روما القديمة عندما كان محافظاً للآثار فيها

وبلغ الذروة في سن مبكرة وفجأة أصيب بحمى انتهت بموته، ولم يكن قد أكمل السابعة والثلاثين من عمره حين وافته المنية في ٦ إبريل سنة ١٥٢٠ ودفن في البانثيون بروما

يقول بعض المؤرخين بأن حزنه على خطيبته ماريابيبينا التي ماتت قبله بقليل كان من أهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>