سادساً - إذا أضفنا إجازة النحت إلى الاشتقاق، أيكون هذا توسيعاً في اللغة وتيسيراً، أم تضييقاً وتعسيراً؟
وقبل أن نمضي في شرح ما نراه حلاً لهذا المشكل الكبير ينبغي لنا أن نلقي نظرة في التعريب والنحت، لنقول إنهما في أكثر الأحوال عسيرين كل العسر، شاقين كل مشقة جامدين كل جمود، وبخاصة إذا كثرت مقاطع الكلمات الأعجمية المراد تعريبها أو تعددت حروفها إلى ما فوق الخمسة، أو تكونت من أكثر من لفظ في أسماء الأنواع من النبات والحيوان. وكذلك في النحت فقد تجد أن حروف الكلمتين المراد نحت كلمة منهما قد تنافرت حتى ليتعذر نحت كلمة منهما توافق الجرس العربي.
على أننا بالرغم من كل هذا، وبالنظر إلى كثرة الأسماء التي نريد إيجاد مقابلات لها في العربية، وهي تعد بالملايين ينبغي توسيعاً لأقيسة اللغة وجعلها وافية بمطالب العلوم والفنون والآداب أن نعتبر التعريب والنحت أصلين من أصول الوضع في اللغة، على أن نحذر من التمادي فيهما كل الحذر، وألا نلجأ إليهما إلا عند الضرورة القصوى مادامت أوزان اللغة وصيغها تواتينا بحاجتنا من الأسماء التي نطلبها.
بقي علينا بعد ذلك أن نعرف هل تواتينا اللغة العربية بما نحتاج إليه من الأسماء؟ إن لي في هذا رأياً جديداً لعلي أوفق إلى تبيانه في الأسطر التالية.
جمدت اللغة العربية بتعنت اللغويين، كما جمدت الشريعة الإسلامية بتعنت أصحاب المذاهب. فإن القول بقياسية الصيغ وسماعيتها، بنسبة الكثرة والقلة، بالرغم من أنها صيغ سمعت من أعراب أُصَلاَء، قد أصاب اللغة بجمود لم يبلغ الشعور بقسوته بقدر ما بلغ في زماننا، ولم يأنس جيل من أبناء العربية بمقدار أثره في تقييد أساليبهم العلمية بقدر ما أنس جيلنا هذا. فإن أكثر الصيغ التي وردت منها أسماء النبات والحيوان صيغ سماعية، ومعنى أنها سماعية أنه ممنوع عليك أن تقيس عليها وأن تصوغ على غرارها أسماء جديدة تدل على حيوان أو نبات لم يذكره العرب، على قلة ما تستطيع أن تعين من أشخاص الحيوان والنبات التي ذكرها العرب لضعف التعاريف أو فقدانها كلية. فلم يبق أمام الواضعين للأسماء الجديدة إلا الصيغ القياسية، وهي قليلة مقيسة بالعدد الوافر الذي ورد في كلام