العرب من الصيغ التي اعتبرها اللغويون سماعية. وهذه القيود الثقيلة التي لا مبرر لها إلا مسألة إحصائية قيدت اللغة وقيدت الواضعين بقيود وصفدتهم بأغلال، هي السر الوحيد فيما يقال عن عجز اللغة العربية عن مجاراة اللغات الأخرى في الأسماء الدالة على الأشياء الحديثة، ذلك في حين أن إجازة الصوغ على تلك الصيغ التي قيل إنها سماعية يفتح على اللغة أبواباً واسعة تجعلها تفوق كل لغات الأرض في القدرة على الوضع اللغوي الأصيل الذي لا يخرج عما اتبعه العرب من الأصول التي جروا عليها في بناء لغتهم المجيدة.
ولا أريد أن أذهب هنا مذهب القائلين بأن كل ما قيس على كلام العرب، ويقصد بهم العرب الأصلاء إلى نهاية القرن الثالث الهجري، فهو من كلام العرب، وعلى رأسهم الإمام ابن جني، على ما أرى في رأيه من رجحان، بل أريد أن أتواضع قليلا فأقول إن الظرف العلمي يحفزنا إلى التسليم، على الأقل، بالقول بأن كل الأوزان التي صاغ منها العرب أسماء الحيوان والنبات قياسية، بصرف النظر عما ورد منها قلة وكثرة في كلام العرب. فأننا بذلك نوسع حقيقة من أقيسة اللغة، وتقل حاجتنا إلى التعريب والنحت، حتى لأكاد أومن بأن حاجتنا إليهما تنعدم تقريباً، وإني لأفضل اسماً مصوغاً على صيغة نطق بها العرب، مع مراعاة الشروط التي اتبعوها في الوضع والتي سأشرحها بعد، على اسم معرب أو منحوت مهما حسن جرسه في السمع. فإننا بذلك نحافظ على سلامة اللغة ونكون قد أمنا التطوح باللغة في مهاوي الفساد الذي سوف يؤدي إليه التمادي في التعريب بالجملة، إذا اتبعنا رأي بعض المتطرفين الذين لم يتذوقوا بعد للغة العرب طعما
على أن العربي لم يجر في وضع الأسماء على غير قاعدة، بل إنه اتبع قاعدة أوحى إليه بها طبيعة الظرف الذي أحاط به في مختلف البيئات التي عاش فيها، وساعدته سليقته على تطبيقها. فأنك إذا تأملت الأمر بعض الشيء، ألفيت أن العربي كان ينظر في الشيء فيلحظ فيه كثيراً من الصفات، فإذا غلبت في الشيء صفة صاغ له اسماً مستمداً من اللفظ الذي يدل على هذه الصفة والأمثال على ذلك كثيرة لا تحصى، ولا بأس من أن أورد هنا بعضاً منها.
الإسْليح: نبات؛ قال أبو حنيفة الدينوري: واحدته إسلحة طوال القصب، في لونه صفرة تأكله الإبل. وقيل هو عشبة تشبه الجرجير، وينبت في حقوف الرمل، والأولى أكثر (ابن