قبل اليوم، حتى إذا انتصف الليل وتحاجز العسكران رجع صاحبنا إلى القصر وأعاد رجليه في القيد! فلما أصبح الصبح تحدث الناس به وأخبرت سلمى سعدا بما كان منه فأطلقه وعاهده ألا يحده أبدا إذا شرب. الآن ظهرت نفس شاعرنا في شرفها ونبلها وقال لسعد كنت آنف أن أتركها من أجل الحد، فأما إذ بهرجتني فلا والله لا أشربها أبدا. لقد كان مما أخذه عمر عليه قوله:
إذا مت فادفني إلى أصل كرمة ... تروِّي عظامي بعد موتي عروقها
ولا تدفنني بالفلاة فإنني ... أخاف إذا ما مت ألا أذوقها
ويشاء قاص من الظرفاء فيروي أنه رأى قبره بنواحي أذربيجان أو جرجان وقد نبتت عليه ثلاث كروم قد طالت وأثمرت واعترشت، وعلى قبره مكتوب:
(هذا قبر أبي محجن الثقفي) أفاض الله عليه سجال رحمته فقد كان رجلاً وكان نبيلا.