هل يتعلم التشريح؟ هل يتعلم التعبير؟ هل يتعلم مشابهة الملامح؟؟ كلا! لا ضرورة لذلك في صناعة التصوير إلى مذهب هؤلاء المجددين. فما من صورة حديثة فيها سمة من تلك السمات. ولعل تعلم الحلاقة أو تعلم الطبخ أو تعلم النسيج أقرب إلى إخراج صورة الإنسان على هذا المثال من تعلم الرسم والتشريح والألوان.
وإنما تبدو لنا حقيقة هذا التمرد إذا نظرنا نظرة واحدة إلى وجوه دعاته والمتظاهرين بفهمه واستحسانه. فجميعهم أمساخ مشوهون، أو ضعفاء مهملون، لا يقعون في موقع من الأنظار ولا الخواطر. ودأب هذه الزمرة من الناس أن تنكأ الأذواق والضمائر لتبلغ ممن يعافونها ويعرضون عنها مبلغاً من الانتباه والمبالاة، وتلك سريرة خفية في جماعة الخلعاء حيث كانوا وحيث تهيأ لهم الظهور بالتفحش في الأخلاق، أو التفحش في الأذواق، ومن كان منهم سويَّ الخلق معتدل التركيب في ظاهر الأمر فآفته لا محالة نقمة مطوية تلحقه بزمرة الأمساخ والمشوهين، ولولا ذلك لما جنح إلى إيذاء الشعور واللجاجة في إيذائه حتى يقال من حوله إنه ليس بحقير وإنه لا يترك بغير انتباه.
ذلك نموذج من وباء (التمرد الآلي) في الفنون الأوربية الحديثة، وهو تمرد أدنى إلى الغثاثة والعقم من كل جمود وكل موافقة.