للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المعونة من مستقره، فتلقاه عامل المعونة في بعض طريقه، ووصاه وجميع العمال بالنصراني، وصار إلى الحضرة فأصدر إليهم الكتب في الوصاة به إلى أن قدم بعض العمال المتجرة فتتبع النصراني ورام الزيادة عليه فخرج إلى بغداد.

(قال لي هرون إن ياسين قال له: إن النصراني حدثه أنه دخل إلى بغداد فلم ير بها أدنى محلا، وأكثر قاصداً منه، ثم استأذنت عليه وعنده جمع كثير فخرج أكثر غلمانه حتى استقبلوني فلما رآني قام على رجليه ثم قال: مرحباً يا أستاذي وكافلي والقائم بي حين قعد الناس عني. وأجلسني معه وانكب على ولده وشمله، وأنا أتأمل مواقع الإحسان من الأحرار، وسألني عن حالي في ضياعي فأخبرته خبر العامل، وكان أخوه في مجلسه فنظر إليه من كنا عنده، وقال له: كنت السبب في تقليد أخيك فصار أكبر سبب في مساءتي، فكتب من مجلسه كتاباً إليه بجلية الخبر وأنفذه. وأقمت عنده حولا في أرغد عيشة وأعظم ترفة. وورد على كتب أصحابي فخبروني بانصراف العامل عن جميع ما كان اعترض عليه في أمري. وأخرج أمر السلطان في إسقاط أكثر خراج ضياعي والاقتصار بي على يسير من مالها. قال ياسين فكتب النصراني ببغداد حجة أشهد فيها على نفسي أن أسلمه في جميع الضياع التي في يده (وسماها وحددها) لهذا الرجل الذي كان هرب، وصار بها إليه، فقال له: قد سوغك الله هذه الضياع، فأني أراك أحق بها من سائر الناس، فامتنع الرجل من ذلك وقال له: عليك فيها عادات تحسن ذكرك، وترد الأضغان عنك، ولست أقطعها بقبض هذه الضياع عنك. ورجع النصراني إلى الفسطاط فجدد الشهادة له فيها. فلما توفى النصراني أقرها في يد أقاربه، ولم يزاولوا معه بأفضل حال).

محمد كرد علي

<<  <  ج:
ص:  >  >>