هذا ما يقوله (مكسيم غوركي) اشهر أدباء الروس والأديب الأكثر إنسانية في أكبر مقاطعة غذت الآداب بالأدب الإنساني، لأن تيار (الدعاية) قذف به إلى حيث يريد! وهكذا ارتدى الأدب رداءاً محلياً حتى غدا الأدب في روسيا أدباً روسياً والفن فناً روسياً! وكذلك الأمر في (الفاشية) فأنها عملت بهذا المذهب القائل (إن الموضوع الأدبي يجب أن يستمد من قلب الأمة لا من المحيط الخارج عنها) وأصبحت تريد من الفن أن يخدم الدولة. . .
أما الهتلرية الجرمانية فقد أرادت أن تتفوق في هذا الباب، فسخرت العلم الذي لا يسخر للدلالة على أصالة الجنس الجرماني وطهارته من أخلاط العناصر وقد طغت أيّما طغيان على حقول الأدب والفن. يقول ممثلها في أحد مواقفه:(إن كل ما نعجب به اليوم من علم وفن واختراع إن هو إلا وليد فئة قليلة من الشعوب. وربما كانت هذه الفئة تنسلها سلالة واحدة ومن هذه السلالة تنحدر الثقافة الإنسانية. . . لتتوار هذه الفئة، فكل جمال الحياة يتوارى معها. . . أريد أثراً جرمانياً يبقي اثر الجرمانية فيه بعد ملايين السنين) وقد أيد هذه النظرية أحد رجالها بقوله (أنا نريد فناً حقيقياً، فناً جرمانياً يستمد روعته من قلب الإبداع الفني، فناً يدخل إلى أعماق نفوسنا ويهزها هزاً!) ويقول وزير دعايتها (في اللحظة التي تسطر فيها السياسة رواية شعب ما، حيث يتلاشى عالم وينشأ عالم، حيث تزول قيم عتيقة وتقوم قيم جديدة، لا يجدر برجل الأدب والفن ولا يحق له أن يقول: هذا شيء لا يهمني ولا يعنيني. . . ونحن، رجال السياسة - إزاء هذه الحركة، رجال فن لأننا نهيئ شعباً. ولست أدعو إلى أن يكون الأدب عسكرياً، وإنما يجب على الأدب أن يخلق ويصور العلاقات المرتبطة بهذه الحركة الانقلابية. . . يجب على الأديب أن يجر نفسه إلى الزوبعة التي تعصف في وطنه. يمشي تحت عجاجتها ولا يقف شاهداً على الربوة! إننا نحكم على الفن والأدب بالنسبة إلى تأثيرها في الشعب. وكل ما خالف هذا لا نرضاه. . .)