للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

رأس اللجنة المدبر ولن يهدأ له بال مادام حراً طليقاً. ورفع الوزير إلى القيصر في نفس الوقت مشروع المجالس المحلية الذي اعتزمت الحكومة تنفيذه بعد أن وضع في صيغته النهائية فوعد القيصر بالنظر فيه في الغد.

وكان ذلك في مساء يوم الجمعة ٢٧ فبراير سنة ١٨٨١ وكان القيصر يعتزم أن يشهد يوم الأحد أول مارس تمارين فرسان الحرس في ميدان ميخايلوفسكي كعادته كل أحد. فرجاه وزير الداخلية ألا يفعل لأن جليابوف صرح أمامه أن القبض عليه لا يمنع وقوع اعتداء جديد على حياة القيصر، ولكن القيصر لم يعبأ بهذا النصح وصمم على الذهاب.

وكان القبض على جليابوف ضربة شديدة للجنة التنفيذية، وكان يقيم منذ حين في بطرسبرج باسم سلاتفلسكي مع صاحبته وزميلته صوفيا بيروفسكايا بزعم أنها أخته، وكانت صوفيا ساعده الأيمن في تدبير المشاريع وإدارة الشئون؛ فلما قبض عليه ولم يعد ليلة ٢٧ فبراير جمعت صوفيا أعضاء اللجنة التنفيذية المقيمين في بطرسبرج في الحال وكان منهم ضابط البحرية سوخانوف، والصحفي تيخوميروف، وأساييف وفرولتكو، وجراتشفكي، وحنه كوربا، واجتمعت اللجنة في دار فيرا فنجر، وبحثت الموقف الخطير الذي انتهت إليه، وكيف أخفقت مشاريعها المتوالية في الأشهر الأخيرة، واستطاعت شرطة القيصر أن تشل كل حركاتها، وأن تقبض أخيراً على زعيمها؛ وبعد مناقشات عاصفة قررت اللجنة بالإجماع أن تنفذ مشروع جليابوف لاغتيال القيصر وعهدت إلى صوفيا بيروفسكايا بالإشراف على التنفيذ، وكانت اللجنة ترمي بهذه المشاريع الجنائية المتوالية فضلاً عن الانتقام للضحايا العديدين، إلى غاية سياسية عملية هي أن تستغل ما يترتب على الاغتيالات السياسية من الاضطراب والروع وتحقيق بعض مطالبها الدستورية. ولكن هذه الخطة لم تحدث أثرها المنشود بل زادت بالعكس في سخط القيصرية وحرصها على سلطانها، وزادتها إقداماً وقسوة في تتبع خصومها.

(للبحث بقية - النقل ممنوع)

محمد عبد الله عنان

<<  <  ج:
ص:  >  >>