تؤثر في مجموعها على حقوق السلطة العليا، ولكن تتخذ في الوقت نفسه صورة المنح والمزايا الدستورية؛ وكان يعتقد أنهلا يستطيع تحقيق هذه الغاية بإنشاء المجالس المحلية (زمستفوس)، ولكن الحركة التحريرية لم تحفل بهذه المشاريع الجزئية بل اشتدت في مطالبها وضاعفت جهودها في سبيل الكفاح والنضال، وشهرت على القيصرية حربها العوان، وردت القيصرية بمضاعفة إجراءات القمح الذريع، واضطرمت بين إسكندر الثاني وبين النهلستية تلك المعركة الدموية المروعة التي أتينا على وصفها
ورأت اللجنة التنفيذية الثورية أو اللجنة التنفيذية لإرادة الشعب كما كانت تسمى، أن تقضي على الشر من أصوله فقررت إعدام القيصر (٢٦ أغسطس ١٨٧٩) ونظمت شعبها الفدائية، ودبرت تباعاً عدة مشاريع لاغتيال القيصر. فبدأت في شهر نوفمبر بوضع لغم في طريق القطار الذي يسافر فيه القيصر ولكنه لم ينفجر، وفي ديسمبر وضع الفدائيون لغماً آخر في طريق القطار الملكي إلى موسكو انفجر عند مرور القطار، ولكن القيصر وصل إلى موسكو في قطار سابق؛ وفي مساء ١٧ فبراير سنة ١٨٨٠ نسف الفدائيون قاعة الطعام في قصر الشتاء على ظن أن القيصر كان عندئذ يتناول طعامه فيها، ولكن القيصر كان في مكان آخر من القصر، ولم يكن قد جلس إلى المائدة بعد، فقتل في الحادث وجرح سبعة وستون من الجند والحشم. ونشطت القيصرية من جانبها إلى مطاردة الجناة، فأعدم عدة من الفدائيين، ومنح لوريس مليكوف وزير الداخلية سلطة مطلقة على العاصمة لكي يستطيع السهر على حياة القيصر وأسرته، وخول له الإشراف المطلق على القضايا السياسية وعلى جميع السلطات الإدارية والمدنية. ورأى مليكوف من جهة أخرى أن يتخذ بعض إجراءات لاستمالة الشعب فأفرج عن كثير من المعتقلين وكانت تغص بهم السجون، ورد آلاف الطلبة إلى الجامعات التي أخرجوا منها. وأصدرت اللجنة التنفيذية بياناً قالت فيه (إنها لن تترك الكفاح حتى يتنازل إسكندر الثاني عن سلطانه للشعب ويترك مكانه لجمعية وطنية تأسيسية تضع مبادئ الإصلاح الاجتماعي). ولكن حدث في مساء ٢٧ فبراير أن استطاعت الشرطة السرية أن تقبض على أندري جليابوف زعيم اللجنة الثورية في دار صديقه وزميله في اللجنة المحامي تريجوني وقبض على تريجوني في نفس الوقت، وحمل النبأ إلى القيصر وزير الداخلية مليكوف فابتهج به أيما ابتهاج، لأنه كان يعتقد أن جليابوف